الصالحي، محسن حمود ، وملك ، بدر محمد (1428هـ – 2007م). مواصفات الأزواج في عيون الزوجات: رؤية تربوية من حديث أم زرع. ط1، الكويت: اقرأ.

 

المضامين التربوية للعلاقات الزوجية

في حديث أم زرع

 

أ.د. محسن حمود الصالحي   أ.د. بدر محمد ملك

كلية التربية الأساسية- قسم الأصول والإدارة التربوية

الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب

دولة الكويت

 

 

 

ملخص الدراسة باللغتين العربية والأجنبية

المضامين التربوية للعلاقات الزوجية

في حديث أم زرع

د. محسن حمود الصالحي     د. بدر محمد ملك

روت أم المؤمنين عائشة حديث أم زرع على نحو دقيق، فحكت عن إحدى عشرة امرأة تواثقن على أن تصف كل واحدة منهن علاقاتها الزوجية. استمع المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وعلق على حديثها ثم جاء العلماء يستنبطون منه الفوائد اللغوية والتربوية إلى يوم الناس هذا.

هدفت الدراسة إلى شرح ومناقشة وتحليل واستنباط القضايا ذات الصلة بالعلاقات الزوجية وفنون التربية عموما استنادا لحديث أم زرع وفق أربعة مضامين وهي كالآتي: (المضمون النفسي، والجنسي، والتعليمي، والاجتماعي).وقد استخدم الباحثان أسلوب تحليل المحتوي بطرائقه المختلفة.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن حديث أم زرع تضمن على توجيهات عديدة لتحسين مستوى المعيشة الزوجية وتحذر أشد التحذير من الإضرار بالنساء وتنفر أشد التنفير من ضرب الزوجات؛ شريكات الحياة. وعلى ضوء الدراسة فإن المرأة تحب الزوج الكريم العطوف المتغافل عن الدقائق والمتجاوز عن الهنات، ولا يسفه قولها ولا يقلل من قدر عقلها. وعلاوة على ذلك كله فالزوجة تحب الزوج الذي يستمع إليها استماعاً إيجابيا وتستمتع معه فليست اللذة الجنسية في فراش الزوجية حقا للرجل وواجبا على المرأة بل هي حق وواجب للاثنين معا. وتوصي الدراسة بأن يقوم التربويون بعمل دورات تدريبية للمتزوجين الجدد لتبصيرهما بمهارات الحياة السعيدة وصولا إلى تكوين حياة سعيدة يسودها السلام.

Abstract

The Educational Issues of Marriage Relationships

According To The Saying Of Umm Zara’

 

Dr. Mohsen H. Al-Salehi      Dr. Bader M. Malek

‘A’isha Um al-Mu’mineen ‘Mother of the Believers’ reported  a narration known as the saying of Umm Zara’ that one day eleven women sat together, and made an explicit promise amongst themselves that they would conceal nothing, while relating their experiences, with their spouses. ‘A’isha narrated her saying in an accurate way. Allah’s Messenger (may peace be upon him) was so pleased to hear the saying of Umm Zara’ as ‘A’isha was narrating it, and made a comment on it. The saying of Umm zara has made many scholars take advantage of it, to form linguistic and educational perspective till this day.

The aim of this study is to explain, discuss, analyze and educe issues related to marriage relationships, from an educational point of view according to the saying of Umm Zara’. This study is divided into four content areas. These four contents are: Psychological, sexual, educational, and social.

The result of this study shows that the saying of Umm Zara’ contains several educational guidelines in order to enhance the level of good mutual relationship of a married life.  The core of the saying relates to us that a woman abhors any kind of verbal or physical abuse, especially when it comes from a life partner. In the light of this study, the qualities that the women admired and honored the most in their husbands were kindness shown in abundance, sympathy and the personal freedom of being and behaving as a responsible spouse. Furthermore, the husband is understanding enough to ignore and forgive minute issues that could scar the relationship. Also, women dislike it when their spouses do not acknowledge their ability to make good judgments and continues to degrade their personal capability. Finally, we can say that a wife likes her husband to satisfy her by quality listening, and enriched body language that will enable them to communicate with each other in a positive way.

For both partners, a physical relationship has to be a gift of   mutual contentment of body and soul, and not just as the man’s pleasure and the woman’s physical obligation in a married relationship. The study recommended that educators should provide workshops for the newly married couples, in order to train them in skills that can assure them of a happy and peaceful married life.

 

المقدمة

تعد العلاقات الزوجية من أهم البُنى الاجتماعية المكونة لنسيج المجتمعات البشرية ويتضمن ذلكم النسيج الواسع من مجموعة بيوت ارتضت تكوين أسر ذات هوية مستقلة وأهداف متنوعة. وكلما كانت الحياة الزوجية في جوهرها منضبطة بالآداب الكريمة أثمرت سلوكيات نبيلة وأثرت في محصلة النسيج الاجتماعي العام فيزداد ترابطه، وتتجلى إبداعاته، وتعلو مكانة المجتمع فالمجموع يأخذ قيمته من نوعية وجودة أفراده. ولا ريب أن تراثنا العربي والإسلامي الخصيب خير معين لتوجيه وتطوير وإصلاح خطابنا التربوي المعاصر في تنمية المهارات الزوجية وإنشاء البيوتات السعيدة وذلك بعد فهم وتحليل ومناقشة القيم التربوية السائدة بين الزوجين بطريقة فاحصة ناقدة.

تحتوي الحياة الزوجية وعلاقاتها الحميمة على علاقات متشابكة وتجارب هائلة طالبنا الله سبحانه بالنظر إليها، والتفكر فيها، والإفادة منها فقال المولى جل وعلا وهو يحث المتدبرين {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21). وحفي بنا أن نقتفي أثر هذه التوجيهات القرآنية المجيدة ولهذا فإن الدراسة الراهنة بصدد الولوج في جوانب متعددة متعلقة بهذا الأمر الكريم بغية استنباط الفوائد الكفيلة بالمشاركة في توفير فهم أعمق لطبيعة العلاقات الزوجية في الأسرة العربية من أجل حياة زوجية فاعلة تجتاز محن الحياة وتضيف إلى الوجود تجارب مضيئة تثري بعراقتها وأصالتها وعمقها الميدان التربوي المعاصر وذلك كما تعكسها الأدبيات المتصلة بحديث أم زرع والكتابات التربوية المعاصرة.

روت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حديث أم زرع بتمامه فحكت عن إحدى عشرة امرأة كل واحدة تصف زوجها بوصف تلخص فيه حال علاقاتها مع زوجها على نحو دقيق… فاسترعى كلامها الجزل انتباه المصطفى صلى الله عليه وسلم فراح يعلق عليه بعد التدبر فيه ثم جاء العلماء منذ تلك الساعة وعلى مر العصور يستنبطون منه الفوائد اللغوية والفقهية والتهذيبية فجادت قريحتهم بفيض من التآليف لا زالت بعضها مخطوطة لم تر النور بعد. وهذا النتاج المبارك الأغر يستحق النظر فيه من منظور تربوي يُعنى بالمضامين التربوية المؤثرة في العلاقات الزوجية استنادا إلى تجليات ومكنونات حديث أم زرع. اشتهر الحديث وذاع صيته في كتب الحديث النبوي الشريف لا سيما أنه في الصحيحين – رواه البخاري ومسلم – وسمي بحديث أم زرع نسبة إلى المرأة التي أكثرت من الثناء على زوجها وجاءت روايتها مسك الختام في سلم النسوة اللاتي روين ملخص حياتهن الزوجية وهي المرأة الأخيرة (الحادية عشر) ثم علق النبي صلى الله عليه وسلم على مجمل الحديث إذ ربطه بعلاقته بالسيدة عائشة رضي الله عنها. ويظل سر طلاق أم زرع من الألغاز المحيرة، وفي سبب سعادتها وتعاستها أكثر من عبرة.

سيقوم الباحثان –في هذه الدراسة- باستنباط ومناقشة طائفة من الفوائد الواردة في طي حديث أم زرع سعيا إلى بيان أهم الأمور التي تحبها وتكرهها المرأة من الرجل استنادا للحديث المذكور. إن ازدهار أو انحدار الحياة الزوجية يعتمد على عوامل كثيرة كالرغبات والتجارب والمعارف ومدى تفاعل طرفي الشركة الزوجية فضلا عن الدور الاقتصادي في التأثير في ديمومة الأسرة. وفق هذا المنطلق سيكون هدف الدراسة شرح ومناقشة وتحليل واستنباط القضايا ذات الصلة بالعلاقات الزوجية وفنون التربية عموما استنادا لحديث أم زرع. وإتماما للفائدة فإن الباحثين سيقتبسان ويناقشان ويشرحان برؤية تربوية معاصرة مجموعة فوائد ذكرها من تعرض لشرح حديث أم زرع –قديما وحديثا- كي تكون المخرجات المرجوة من البحث ذات صلة بالأدبيات والدراسات السابقة تفيد منها وتضيف إليها وتربطها بقضايا الحاضر وطموحات المستقبل.

ولا نريد أن نختم هذه المقدمة، حتى نشير إلى أن التراث العربي يحتوي على نصوص نادرة جادت بها قرائح النساء قبل قرون متطاولة ولا تعرف الإنسانية مثلها في نفاستها وقدمها وقيمتها بل وما زالت تجتذب بسحرها النسوي عناية الباحثين شرقا وغربا (Roded, 1994, & Alkanderi, 2001) وروايات السيدة عائشة رضي الله عنها التي جاوزت الألفين رواية وظلت خالدة وناصعة عبر القرون لهي مبعث فخر، ومصدر عز، ومنبع سؤدد، ولمثل هذه النصوص الناصعة تحشد الطاقات أملا في تجلية فوائدها التربوية الكامنة ، وإمداد الواقع الإصلاحي بمادة تهذيبية هادفة.

أهمية الدراسة ودواعي اختيارها

  1. الإسهام في توجيه أنظار وجهود الباحثين التربويين إلى ضخامة الكنوز العربية وضرورة ربط الدراسات الأكاديمية بذلك الميراث الثر. إن شرح كتب السنة النبوية شرف عظيم للمشتغلين في التعليم.
  2. إبراز مكانة المرأة في كتب الحديث النبوي الشريف، سعيا إلى تعزيز دور النساء الأسري والمجتمعي إذ يعاني الخطاب الإسلامي في عصر العولمة من تحديات التشدد ضد المرأة (القرضاوي، 2004 م، ص 182). يقول سعيد إسماعيل علي (2004) “ولأن المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية قد تخلفت قروناً طويلة، وجب أن تحظى بمزيد من العناية، تماماً كما نرى اثنين يسيران على الطريق، ثم يتخلف أحدهما لظرف ما، فتبعد الشقة بينه وبين صاحبه، فنطلب منه وممن له صلة أن يضاعف من خطوات السير حتى يلحق بصاحبه” (باختصار).
  3. معالجة قلة الكتابات العربية المعنية بالعلاقات الزوجية (المطوع، 2001م، ص 16) رغم أهميتها العظمى في مسيرتنا التربوية.
  4. بلورة رؤية معاصرة عن العلاقات الزوجية وسبل تقويتها وعوامل تقويضها استنادا إلى مصادرنا التراثية لنرفد ثقافتنا العربية المعاصرة.
  5. مناقشة التأويلات والاستنباطات المتعلقة بمكانة المرأة في الإطار الأسري مع تبني الرؤى التي تعلي من قدرها وتوسع مسارات حركتها وتزيدها وثوقا بقيمها الدينية، وقيمتها الإنسانية، ورسالتها الحضارية.
  6. تشير نتائج بعض الدراسات إلى أن “كثيرا من تفاصيل حياة المرأة العربية وشخصيتها ما زال غائبا، وما زالت الأخبار التي بثت في مراجعنا التراثية حبلى بجوانب من الدراسات تنتظر الباحثين” (المنصور، 2005 م، ص 103).
  7. طال الحديث عن واجبات الزوجة ولا بد من بسط القول في حقوقها.

أسئلة الدراسة ومنهجها

تسعى الدراسة الحالية إلى أن تجيب عن سؤال رئيس وهو:

كيف يمكن الإفادة في الحقل التربوي المعاصر من حديث أم زرع في مسعى تعزيز العلاقات الزوجية؟

ومن هذا السؤال العام تتفرع الأسئلة التالية:

  1. ما أهم المضامين النفسية والجنسية والتعليمية والاجتماعية المبثوثة في حديث أم زرع؟
  2. ما أهم السلوكيات المحمودة والمذمومة في الحياة الزوجية استناداً لحديث أم زرع؟
  3. ما أوجه المقارنة بين العلاقات الزوجية عند العرب قديما وبين القيم الزوجية المنتشرة في المجتمعات العربية في الألفية الثالثة؟

وأما من حيث منهج الدراسة فسوف يتبع الباحثان أسلوب تحليل المحتوى بطرائقه المختلفة لرصد وتحليل ومناقشة حديث أم زرع ولاستنباط المعاني الكامنة فيه وهذا الأسلوب الكيفي في الدراسات النظرية يندرج تحت باب الدراسات الوصفية التحليلية الاستنباطية. وستقوم الدراسة على استخدام التحليل الموضعي (شرح الكلمات الغامضة في النص محل الدراسة) والتحليل الموضوعي (تتبع الأفكار الرئيسة لاشتقاق القيم والمضامين والمفاهيم والتصورات التربوية المرتبطة بالعلاقات الزوجية) مع التركيز الكبير على الوسيلة الثانية؛ الأسلوب الموضوعي. ولأغراض تنظيم هذه الدراسة المنهجية سيجري تحليل حديث أم زرع مسترشدين بجملة موضوعات ذات صلة بأربعة محاور رئيسية وهي: النفسية والجنسية والتعليمية والاجتماعية في الحياة الزوجية بحثا عن قضاياها الجوهرية، وآثارها الممتدة، ودلالاتها المتنوعة. التقنية المعتمدة في البحث الحالي هي التعويل على الفكرة العامة كوحدة للتحليل والاستنباط.

 

التعريف بأم المؤمنين عائشة راوية الحديث

أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ (8 ق.هـ – 50هـ، 614 – 670م) ويَبْلُغُ (مُسْنَدُ عَائِشَةَ): أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ. قال الذَّهبي وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا (ج2). وقال عطاء “كانت عائشة أفقه الناس” (بدر الدين الزركشي، 1970م، ص 56) يرجع إلى علمها أكابر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكانت تستدرك عليهم، وتصوبهم، وتتناقش معهم.

روى البخاري في كتابه الأدب المفرد في باب الكتابة إلى النساء وجوابهن أن السيدة عائشة كانت تشجع عَائِشَة بِنْتُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيَّة على الكتابة والتواصل المعرفي مع الشيوخ والشباب (ص 406) مما يدل على عقلية يقظة ونفس منصفة. وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ أَجْمَلَ نِسَاءِ زَمَانِهَا وَأَرْأَسَهُنَّ كما يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء. وقالتْ أم المؤمنين عَائِشَةُ رَضِي اللهُ عَنها: “نِعْمَ النّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقّهْنَ فِي الدِّينِ” (رواه مسلم[1]). ومن أقوالها رضي الله عنها “الشعر كلام فمنه حسن ومنه قبيح فخذ الحسن ودع القبيح” (الواحدي).

وكتبت ليلى رامي (2005 م) “كانت عائشة رضي الله عنها أكثر الصحابة انتباها إلى ما حصل في متون بعض الأحاديث من تغيّر نتيجة وهم أو خطأ، أو سوء فهم، لذلك استدركت على عدد من الصحابة حتى لا تترتب عن تلك الأحاديث أحكام فقهية قد تنعكس سلبا على الأفراد أو المجتمع. فإذا أخذنا بعض الأحاديث مجتمعة مثلا حديث المرأة والشؤم، وحديث يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب نجد عائشة أنكرتهما واعتبرت الكلام الثاني فيه تشبيه للمرأة بالكلاب. وعليه يمكننا تصور نظرة المجتمع للمرأة نظرة تترتب عنها عقلية تنتج أحكاما لا يمكن أن تكون في صالح المرأة بقدر ما تكون ضد مصالحها” (ص 98، بتصرف).

ولعل أنصع صورة للمرأة في مجالس العلم هي صورة عائشة رضي الله عنها والكثير مما دار بين أم المؤمنين والرسول صلى الله عليه وسلم يصلح أن يدرج في الحوارات التعليمية فهي قد تطرح عليه سؤالا لغاية علمية (المنصور، 2005 م، ص 101، ملك ، 1992 م، ج2، ص 71، 75). وورد في الموسوعة العربية العالمية (2004 م) ” كانت رضي الله عنها فقيهة عالمة مُحدِّثة، تُعَلِّم نساء المؤمنين، ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين.”

ومن الزيادات المذكورة في نهاية حديث أم زرع قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة “كنت لك كأبي زرع لأم زرع في الألفة والرفاء ، لا في الفرقة والخلاء” قالت عائشة : قلت يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع” (البستي، ص12). قال الشاعر واصفا السيدة عائشة وهي تروي قصة أم زرع:

وتسـارع بنت الصدّيـق
بـل أيـن أبـو زرع أينـا
أرسـول الله يشـابهـه الـ
قد صاغك ربي من نور
أنت العـليـاء وذروتهــا

بكـلام حلـو ورقـيــق
من زوج بـر ورفيـق؟
أغـيار بخلـق موثـوق ؟
وحباك بكـل التوفـيـق
وسواك بوهد التضييق

نص حديث أم زرع

ورد حديث أم زرع بعدة روايات بعضها تنسب أصل الكلام لأم المؤمنين عائشة – وهو الصحيح عن جموع المحدِّثين- وبعضها ترفع الحديث؛ فتنسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومثاله “عن عائشة قالت: فخرت بمال أبي في الجاهلية …”[2]. قال الألباني معلقا على صحة تلك الرواية: حديث “منكر” (الدرر السنية). ولهذا فإن الدراسة ستعتمد على الرواية الصحيحة كما وردت في صحيحي البخاري ومسلم.

قال البخاري: حَدَّثَنَا‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ‏‏قَالا أَخْبَرَنَا ‏عِيسَى بْنُ يُونُسَ ‏حَدَّثَنَا ‏هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏عُرْوَةَ ‏عَنْ ‏‏عَائِشَةَ ‏ ‏قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا.

قَالَتْ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ ‏غَثٍّ ‏عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لا سَهْلٍ ‏‏فَيُرْتَقَى وَلا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ.

قَالَتْ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لا أَبُثُّ ‏‏خَبَرَهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ ‏وَبُجَرَهُ. ‏

‏قَالَتْ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي‏ ‏الْعَشَنَّقُ ‏إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ.

قَالَتْ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي‏ ‏كَلَيْلِ ‏ ‏تِهَامَةَ لا حَرٌّ وَلا ‏‏قُرٌّ‏ ‏وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ.

قَالَتْ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ.

قَالَتْ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ ‏لَفَّ ‏‏وَإِنْ شَرِبَ ‏اشْتَفَّ ‏وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ ‏الْبَثَّ. ‏

‏قَالَتْ السَّابِعَةُ: زَوْجِي ‏‏غَيَايَاءُ‏ ‏أَوْ عَيَايَاءُ‏ ‏طَبَاقَاءُ‏ ‏كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ‏‏شَجَّكِ‏ ‏أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاً لَكِ.

قَالَتْ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ‏ ‏زَرْنَبٍ. ‏

‏قَالَتْ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ ‏النَّادِ.

قَالَتْ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ‏ ‏الْمِزْهَرِ ‏أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. ‏

‏ قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ‏‏وَمَا‏ ‏أَبُو زَرْعٍ‏ ‏أَنَاسَ‏ ‏مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ‏وَبَجَّحَنِي‏ ‏فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ‏ ‏بِشِقٍّ‏ ‏فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ ‏صَهِيلٍ‏ ‏وَأَطِيطٍ ‏وَدَائِسٍ ‏‏وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ. ‏‏أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ‏ ‏فَمَا‏‏ أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ‏عُكُومُهَا ‏رَدَاحٌ ‏وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ.‏ ‏ابْنُ أَبِي زَرْعٍ‏ ‏فَمَا ‏ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ‏‏مَضْجَعُهُ ‏‏كَمَسَلِّ ‏‏شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ ‏‏الْجَفْرَةِ.‏ ‏بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ‏ ‏فَمَا ‏‏بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ‏ ‏طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا. جَارِيَةُ ‏‏أَبِي زَرْعٍ ‏فَمَا جَارِيَةُ ‏أَبِي زَرْعٍ ‏‏لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلا‏ ‏تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلا تَمْلأُ بَيْتَنَا‏ ‏تَعْشِيشًا. ‏‏قَالَتْ: خَرَجَ‏ ‏أَبُو زَرْعٍ ‏‏وَالأَوْطَابُ‏ ‏تُمْخَضُ‏ ‏فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِي ‏‏أُمَّ زَرْعٍ‏ ‏وَمِيرِي أَهْلَكِ. قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ ‏أَبِي زَرْعٍ.‏

‏قَالَتْ ‏عَائِشَةُ: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ لَكِ ‏‏كَأَبِي زَرْعٍ‏‏ لأُمِّ زَرْعٍ.

 

شرح غريب الحديث

“(تعاقدن): أخذن على أنفسهن أن يصدقن جميعا وتواثقن على أن يذكرن أخبار أزواجهن.

 (غث) شديد الهزال وغير مرغوب فيه في الأكل.

(فينتقل) لا ينقله الناس إلى بيوتهم لهزاله، وتعني بهذا قلة خير زوجها وبخله، وهو مع ذلك شامخ بأنف شرس في خلقه متكبر متعجرف.

(أبث) أشيع وأظهر حديثه الطويل الذي لا خير فيه.

(لا أذره) لا أتركه لطوله ولكثرته فلا أستطيع استيفاءه.

(عجره وبجره) عيوبه الظاهرة وأسراره الكامنة أو: ظاهره المستور الحال وباطنه الرديء.

(العشنق) السيئ الخلق، أو الطويل المذموم. وفي كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام ابن الأثير نقرأ أن “زَوجي العَشَنَّق” أي أن زوجها “هو الطويلُ الممتدُّ القامة، أرادَت أن له مَنْظَراً بلا مَخْبَرٍ، لأن الطُّولَ في الغالب دليلُ السَّفَه. وقيل: هو السَّيّءُ الخُلُق”. ولا شك أن الطول لا صلة له بتاتا بالسفه ولا بمستوى الذكاء.

 (أعلق) أبقى معلقة: لا مطلقة فأتزوج غيره ولا ذات زوج فأنتفع به.

 (تهامة) ليس فيه أذى، بل فيه راحة ولذة عيش، كليل منطقة تهامة معتدل ليس فيه حر مفرط ولا برد قارص.
(قر) برد.
(سآمة) ملل.
(فهد) كالفهد وهو حيوان شديد الوثوب، تعني أنه كثير النوم فلا ينتبه إلى ما يلزمها إصلاحه من معايب البيت، وقيل: تعني: أنه يثب عليها وثوب الفهد أي يبادر إلى جماعها من شدة حبه لها، فهو لا يصبر عنها إذا رآها.
(أسد) تعني أنه إذا صار بين الناس كان كالأسد في الشجاعة.
(عهد) لا يتفقد ماله ومتاعه لكرمه، وقيل: المراد أنه يعاملها معاملة وحشية وهو بين الناس أشد قسوة، ولا يسأل عن حالها ولا يكترث بها. وهذا الاختلاف في التفسير اللفظي قد يكون فيه دلالة على سعة اللغة وعلى أن النسوة يذكرن الفعل الحسن والمذموم على حد سواء.
(لف) أكثر من الأكل مع التخليط في صنوف الطعام بحيث لا يبقي شيئا.
(اشتف) استقصى ما في الإناء.
(التف) بثوبه وتنحى عنها فلا يعاشرها.
(لا يولج الكف) يولج يدخل، أي لا يمد يده إليها ليعلم حزنها وسوء حالها وقيل أنه لا يمد يده لكتفها ليداعبها ويضاجعها.
(البث) الحزن الشديد.
(غياياء) لا يهتدي لمسلك يسلكه لمصالحه.
(عياياء) لا يستطيع إتيان النساء، من العي وهو الضعف.
(طباقاء) أحمق تطبق عليه الأمور، وقيل: يطبق صدره عند الجماع على صدرها فيرتفع عنها أسفله، فيثقل عليها ولا تستمتع به.
(كل داء له داء) ما تفرق في الناس من العيوب موجود لديه ومجتمع فيه، والداء المرض.
(شجك) جرحك في رأسك.
(فلك) جرحك في أي جزء من بدنك.
(جمع كلا لك) الشج والجرح، وتعني أنه كثير الضرب وشديد فيه، لا يبالي ماذا أصاب به.
(المس مس أرنب) أي حسن الخلق ولين الجانب، كمس الأرنب إذا وضعت يدك على ظهره فإنك تحس بالنعومة واللين.
(ريح زرنب) هو نبت طيب الرائحة، تعني: أنه طيب رائحة العرق، لنظافته وكثرة استعماله الطيب.
(رفيع العماد) هو العمود الذي يرفع عليه البيت ويدعم به، وهو كناية عن الرفعة والشرف.
(طويل النجاد) حمائل السيف، وهو كناية عن طول قامته. قالت الخنساء واصفة أخاها الذي أصبح سيد قومه في شبابه:

 طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ       سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا

 وقال الواحدي “النجاد حمالة السيف وطولها دليل على طول قامته والعماد عماد الخيمة الذي تقوم به وذلك مما يمدح به لأنه يدل على كثرة حاشيته وزواره وطول القناة يدل على قوة حاملها لأنه لا يقدر على استعمال القناة الطويلة إلا القوي”.
(عظيم الرماد) أي لكثرة ما يوقد من النار، وهو كناية عن الكرم وكثرة الضيوف.

 (الناد) هو كناية عن الكرم والسؤدد، لأن النادي مجلس القوم ومتحدثهم، فلا يقرب منه إلا من كان كذلك، لأنه يتعرض لكثرة الضيوف.
(مالك وما مالك) أي ما أعظم ما يملك.
(مالك خير من ذلك) عنده من الصفات ما هو خير من كل ما ذكرتن.
(كثيرات المبارك) تبرك كثيرا لتحلب ويسقى حليبها.
(قليلات المسارح) لا يتركها تسرح للرعي إلا قليلا، حتى يبقى مستعدا للضيوف.
(صوت المزهر) الدف الذي يضرب عند مجيء الضيفان.
(هوالك) مذبوحات لأنه قد جرت عادته بذلك: يضرب الدف طربا بالضيوف، ثم يذبح لهم الإبل، فالإبل قد اعتادت على هذا وأصبحت تشعر به.
(أناس من حلي أذني) حركهما بما ملأهما من ذهب ولؤلؤ.
(ملأ من شحم عضدي) سمنني وملأ بدني شحما، بكثرة إكرامه، وسمن العضدين دليل سمن البدن.
(بجحني) عظمني وفرحني (فبجحت إلى نفسي) عظمت عندي.
(أهل غنيمة) أصحاب أغنام قليلة، وليسوا أصحاب إبل ولا خيل.
(بشق) مشقة وضيق عيش.
(صهيل) صوت الخيل.
(أطيط) صوت الإبل، أي أصحاب خيل وإبل، ووجودهما دليل السعة والشرف.
(دائس) يدوس الزرع ليخرج منه الحب، وهي البقرة.
(منق) يزيل ما يخلط به من قشر ونحوه، وتعني: أنه ذو زرع إلى جانب ما ذكرت من نعم.
(أقبح) لا يرد قولي ولا يقبحه، بل يقبله ويستظرفه.
(أرقد فأتصبح) أنام حتى الصبيحة وهي أول النهار، وتعني أنها ذات خدم يكفونها المؤونة والعمل.
(فأتقنح) أي: لا أتقلل من مشروبي ولا يقطعه علي شيء حتى أرتوي، وفي رواية (فأتقمح) أي أشرب حتى أرتوي وأصبح لا أرغب في الشراب.
(عكومها) جمع عكم، وهو الوعاء الذي تجمع فيه الأمتعة ونحوها.
(رداح) كبيرة وعظيمة.
(فساح) واسع كبير، وهو دليل سعة الثروة والنعمة.
(مضجعه) موضع نومه.
(كمسل شطبة) صغير يشبه الجريد المشطوب من قشره، أي هو مهفهف كالسيف المسلول من غمده.
(الجفرة) الأنثى من المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها.
(ملء كسائها) أي تملأ ثوبها لامتلاء جسمها وسمنتها.
(غيظ جارتها) تغيظ ضرتها لجمالها وأدبها وعفتها.
(تبث) تذيع وتفشي.
(تنفث) تفسد وتذهب.
(ميرتنا) طعامنا وزادنا.
(تعشيشا) لا تترك القمامة مفرقة في البيت كأعشاش الطيور، وقيل: هو كناية عن عفتها وحفظ فرجها، فهي لا تملأ البيت وسخا بأخدانها وأطفالها من الزنا، وفي رواية (تغشيشا) من الغش، أي لا تملؤها بالخيانة، بل هي ملازمة للنصح فيما هي فيه.
(الأوطاب) جمع وطب وهو وعاء اللبن.
(تمخض) تحرك لاستخراج الزبد.
(كالفهدين) في الوثوب.
(خصرها) وسطها.
(برمانتين) ثديين صغيرين حسنين كالرمانتين من حيث الرأس والاستدارة، فيهما نوع طول، بحيث إذا نامت قربا من وسطها حيث يجلس الولدان.
(سريا) شريفا، وقيل: سخيا.
(شريا) جيدا، يستشري في سيره، أي يمضي فيه بلا فتور ولا انقطاع.
(خطيا) منسوبا إلى الخط وهو موضع بنواحي البحرين، تجلب منه الرماح.
(أراح) من الراحة، وهو الإتيان إلى موضع البيت بعد الزوال.
(نعما) إبلا ونحوها.
(ثريا) كثيرا.
(من كل رائحة) من كل شيء يأتيه.
(زوجا) اثنين، أو صنفا.
(ميري أهلك) صليهم وأوسعي عليهم من الطعام.
(ما بلغ أصغر آنية أبي زرع) لا يملؤها، وهو مبالغة أي: كل ما أكرمني به لا يساوي في مجموعه شيئا من إكرام أبي ذرع.
(كنت لك) كانت سيرتي معك، وفي رواية: [إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك].
وزاد النسائي في رواية له والطبراني، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، بل أنت خير من أبي زرع” (انظر صحيح البخاري في موقع المحدث ، باختصار وتصرف وزيادة).

 

الدراسات السابقة

دراسة القاضي عياض

ألف القاضي عياض بن موسى اليحصبي البستي (476-544 هـ) أكبر وأشهر كتاب في تفسير حديث أم زرع وسماه بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد. ويمكن تقسيم دراسته إلى ثلاثة أجزاء حيث يأتي الجزء الأول لتتبع الحديث من مصادر شتى ثم تتبع الفوائد اللغوية ثم استنباط فقه الحديث أي فوائده الدينية والتربوية. وأشار البستي إلى ثمرة حسن عشرة النساء بالمعروف فذكر قول مالك رضي الله عنه “مرضاة لربك، ومحبة في أهلك، ومنسأة في أجلك” (ص 32).

ومن فوائد حديث أم زرع ذكر البستي “جواز الحديث عن الأمم الخالية، والأجيال البائدة، والقرون الماضية، وضرب الأمثال بهم، لأن في سيرهم اعتبارا للمعتبر، واستبصارا للمستبصر، واستخراج الفائدة للباحث المستكثر” (ص 36). وفيه الوفاء للبعولة وفيه من الفقه التحدث بملح الأخبار وطرف الحكايات، تسلية للنفس، وجلاء للقلب (37). وكلام هؤلاء النسوة م الكلام العالي الفصيح، الجامع للفظ المختار والنظم المناسب المليح، والمعنى الجيد البليغ الصحيح (47). وروى عن معاوية أن النساء يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام (ص94). ومن فوائد الحديث أن قلة النوم دالة على اليقظة والذكاء وكما قال عبدالملك بن مروان لمعلم بنيه: علمهم العوم، وخذهم بقلة النوم (ص73). وأكد على قلة الأكل “فذكر أن البطنة تذهب الفطنة” وقال لقمان “لا تأكل شبعا فوق شبع” (ص 102).

ويبدو أن المرأة قديما كانت تمدح إذا كانت ممتلئة الجسم كثيرة اللحم وعابوا ما خرج منه عن الحد المستحسن (ص 142). ومن الفوائد التي ذكرها البستي جواز التأسي بأهل الإحسان من كل أمة (ص 171) ما لم تصادمه الشريعة وفيه شكر إحسان المرأة لزوجها وفيه بيان ما اشتمل عليه الحديث من ضروب الفصاحة وفنون البلاغة (ص 186). وفيه تطييب نفس الزوجة في حسن معاشرتها (ص 167)، وأهمية الأمانة على السر والمال (ص 151). وذكر القاضي عياض البستي أن عمر قال ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي، فإذا التمس ما عنده وجد رجلا، وعن زيد بن ثابت أنه كان من أفكه الناس في أهله إذا جلس مع القوم (ص181). ولقد انتبه البستي إلى معان تربوية عميقة في حديث أم زرع حيث استنبط منه أن المزاح المحمود مباح (ص 182) وربط الترويح بعناء الدرس وهو هدي ابن عباس رضي الله عنه أن كان يقول لأصحابه إذا داموا في الدرس أحمضوا أي ميلوا إلى الفاكهة وهاتوا من أشعاركم فإن النفس تملّ كما تملّ الأبدان (ص 38).

 جاءت دراسة القاضي عياض حافلة بالفوائد التربوية والأبيات الشعرية الهادفة ومتضمنة على آداب رفيعة كتبت بأسلوب موسوعي يجمع فنون عديدة من مثل علم الحديث النبوي رواية ودراية وعلم الأدب واللغة العربية، والفقه والشريعة، وتدل على علم جم، وفكر سيال، وتدبر عميق وهذا غير مستغرب على القاضي عياض[3] الذي ملأ طباق الأرض علما وفضلا.

 

دراسة القزويني

قام القزويني الرافعي بتأليف رسالة باسم درة الضرع لحديث أم زرع وقال القزويني وقع الاختلاف في الحديث من حيث رفعه ووقفه أي هل هو حديث نبوي أم أن الكلام للسيدة عائشة رضي الله عنها. ويمكن تقسيم رسالة القزويني إلى ثلاثة أقسام وهي :

  1. مناقشة سند ومتن الحديث.
  2. إيراد الحديث مع شرح الكلمات الغامضة.
  3. استنباط الفوائد.

كان القسم الثاني هو الأساس للقزويني حيث جاءت دراسته مركزة على تتبع المعاني لا استخراج الفوائد. تضمن الحديث على جملة فوائد منها “العلم، وحسن العشرة مع الأهل، واستحباب محادثتهن بما لا إثم فيه. وفيه: أن بعضهن قد ذكرن عيوب أزواجهن، ولم يكن ذلك غيبة لأنهن لم يعرفوا بأعيانهم وأسمائهم. وفيه دلالة على جواز ذكر أمور الجاهلية واقتصاص أحوالهم؛ وعلى فضل عائشة رضي الله عنها ومحبته لها بملاطفته إياها؛ وعلى أن السمر [جلسة المساء] بما يحل جائز” وقال القزويني “وكان والدي رحمه الله يرغبني في حفظ هذا الحديث في صغري لكثرة فوائده، وحسن ألفاظه ” (باختصار وتصرف).

دراسة العسقلاني

أورد العسقلاني حديث أم زرع في باب حسن المعاشرة مع الأهل في كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري وقيل عن سبب وقوع هذا الحديث عن عائشة قالت “فخرت بمال أبي في الجاهلية وكان قدر ألف ألف أوقية فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: “اسكتي يا عائشة فإني لك كأبي زرع لأم زرع” ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث: إن إحدى عشرة امرأة اجتمعن في الجاهلية فتعاهدن لتخبرن كل امرأة… ” والمكان الذي دار فيه حديث النساء منهم من قال قرية من قري اليمن والبعض قال مكة. قام العسقلاني بشرح الحديث على نحو دقيق إذ تطرق إلى معاني ومباني حديث أم زرع وخلص إلى العديد من الفوائد من مثل حسن المعاشرة بالتأنيس، والمحادثة بالأمور المباحة، وفيه المزاح وبسط النفس ومداعبه الرجل أهله، وإعلامه بمحبتهم، وفيه أن الحب يستر الإساءة وفيه جواز التأسي بأهل الفضل في كل أمة. وقال أن من شأن النساء إذا تحدثن أن لا يكون حديثهن غالبا إلا في الرجال.

مخطوطة الخليلي

وقام الباحثان بالاطلاع على مخطوط باسم حسن القرع في شرح حديث أم زرع وهو من تأليف أحمد بن عبدالغنى التميمى الخليلي وهذا المخطوط عبارة عن رسالة كتبت قبل أكثر من (200) سنة وتتكون من (13) ورقة . شرح الخليلي حديث أم زرع في عجالة واستند على شرحي الرافعي والمناوي ونبذ متفرقة من كلام العلماء وختم المخطوط بذكر أهمية حديث أم زرع إذ أن الرافعي حفظ حديث أم زرع من صغره بتوجيه من والده الذي أدرك كثرة فوائد هذا الحديث الجزل كما أشار إلى أن حديث أم زرع قد يكون مما قيل في المساء من باب السمر إلا أن هذا الاستنباط ليس له ما يسنده صراحة. قام الخليلي بتتبع الكلمات الغامضة ووضع الشروح اللازمة مع تتبع للروايات فبعض الروايات ذكرت أن النسوة من اليمن وذكرت أسماء النسوة. ذكر الخليلي أنه اجتمع نسوة وتعاهدن على الصراحة في ذكر صفات أزواجهن فكان الموادح ستا والذوام خمسا. ومن لفتاته التربوية أن عالم الحيوان يقدم لنا دروسا يمكن الاستفادة منها فالفهد عنده خصال نافعة والعاقل والسعيد هو الذي يتعظ بغيره وأهم تلك الخصال التغافل حلما وكرما. ووصف حال الرجل صاحب السوء في عشرته مع زوجته بأنه ضروب لامرأته كلما ضربها جرحها… وجاء بعد ذلك وصف الرجل القوي الحسن الخلق الذي يلين لزوجته فتغلبه أما اللئيم فهو الغالب. الكريم حسن الخلق ، طيب الرائحة ، وحسن الملمس، لين العريكة، جميل المعاشرة فالخليلي يرى الزوج الصالح بأنه صاحب نفس زاكية قوتها في تقواها والكريم “ملهم البصيرة ، طاهر الظاهر والسريرة”.

دراسة القرني

شرح عايض القرني (2005 م) حديث أم زرع في كتابه بيت أسس علي التقوى وكذلك أتبع ذلك بشريط سمعي يتسم بتسلسل الأفكار وقوة العرض والاستنباط والربط بالواقع وخلص إلى أن الحديث يكشف عن سمو خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى جمال وسعة اللغة العربية. ويشير الكتاب إلى أن عائشة رضي الله عنها كانت عالمة حفظت من الشعر ثمانية عشر ألف بيت. “وكانت تفتي الصحابة في معضلات المسائل. وكانت تحفظ أخبار العرب، وما وقع في أيام العرب وقصص العرب. قال المؤلف “وعائشة الراوية لهذا الحديث هي بنت أبيها، فقد كان أبو بكر أحفظ الناس وأفصح الناس، يحفظ السير والأنساب والأخبار والأشعار، وإذا تكلم أبو بكر في مجالس من مجالس العرب سكتوا جميعاً، فأتت ابنته عائشة تشبهه، ومن يشابه أباه ما ظلم!”.

وذكر الكتاب قبل مناقشة حديث أم زرع مجموعة من العقبات التي تواجه المرأة اليوم ثم حذر من ضرب النساء وقال المؤلف “قيل لأحد القضاة ـ وكان يحب زينب امرأته وجلست معه أربعين سنة ـ: اضربتها في حياتك؟ قال: والله ما مددت يدي عليها” ولا شك أن مثل هذه الآثار الرائعة أساس التربية السليمة وعماد الشخصية القويمة وهذا هدي بعض العلماء “الأَوْلَى تَرْكُهُ يَعْنِي تَرْكَ الضَّرْبِ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ” (السفاريني).

وعن فوائد الحديث قال القرني “وفيه ذكر المرأة إحسان زوجها ، فإن المرأة العاقلة الرشيدة المؤمنة التي تخاف الله من أدبها أن تحسن ذكر زوجها عند الناس، فإذا سألوها عن زوجها أن تقول فيه خيراً، ليكون أرفع لها عند الله تبارك وتعالي، وأرفع لذكرها وأعظم لأجرها” “وفيه الحديث عن الأمم الخالية وضرب الأمثال بها اعتباراً، فلا بأس أن تتحدث أنت والناس بأخبار أجدادنا والقبائل التي سلفت لأن فيها عبراً وتجارباً … وفيه جواز الانبساط وتنشيط النفس بذكر طرف الأخبار المستطابة والنوادر… وفيه أن ذكر المرء بما فيه من العيب جائز إذا قصد التنفير عن ذلك الفعل بشرط ألا يسمي ولا يكون غيبة، وهؤلاء النساء كن في الجاهلية قبل تحريم الغيبة. فيه جواز وصف النساء إذا لم يؤد ذلك إلى ذكر المحاسن والصفات الداخلية لأنه منهي عنه” (باختصار).

دراسة السواح

شرح السواح ( 2004) حديث أم زرع في كتابه النهر الجاري في فقه الحياة الزوجية من فتح الباري وتحدث عن حسن المعاشرة ولطف الرجل مع أهله والتبسيط وإظهار المحبة وإبلاغ المرأة بذلك فالمرأة تطرب لذلك وتحب الوجه الطلق غير العبوس وتحب الإحسان إليها وبالحب تستر الإساءة، وخرج السواح بجملة فوائد من هذا الحديث (ص 223-225) منها :

1-حسن عشره المرء أهله بالتأنيس والمحادثة بالأمور المباحة.

2-إكرام الرجل بعض نسائه بحضور ضرائرها بما يخصها به من قول أو فعل.

3-الحب يستر الإساءة لأن أبا زرع مع أساءته لها بتطليقها لم يمنعها ذلك من المبالغة في وصفه ومدحه.

4-إن التشبيه لا يستلزم مساواة المشبه بالمشبه به من كل جهة لقوله صلي الله عليه وسلم “كنت لك كأبي زرع لأم زرع ” فالمقصد في المودة والألفة لا في جميع ما وصف به أبو زرع من الثروة الزائدة وغيرها من الأمور.

5-جواز الكلام بالألفاظ الغريبة واستعمال السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفا.

دراسة الحويني

تحدث أبو إسحاق الحويني  عن حديث أم زرع في شريط سمعي بعنوان ليلة في بيت النبوة تحدث فيه عن الدفء الذي تحتاجه البيوت وأسهب في بيان التوازن العاطفي. وتطرق إلى أن البيوت الآن قائمة على الحد الأدنى من العطاء وطالب بضرورة التأسي بهدي المصطفى الذي أسس بيته على الحب والدفء العائلي وبلغ درجة الإحسان في تعامله داخل وخارج منزله. واستنبط الحويني طائفة من الفوائد الهامة من حديث أم زرع وطالب بتطبيقها في أرض الواقع كي نرتقي بالعلاقات الزوجية وشدد على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل زوج على وجه الأرض. ومن الفوائد التي استعرضها أن الرجل إذا قام بحق القوامة فستقل المشاكل الأسرية وتتقلص حالات نشوز الزوجات. وأكد الحويني على أن الشعور بالأمان يوفر الاستقرار داخل أسوار الحياة الزوجية ويهبها الراحة ويعطيها السعادة. وذكر أن المرأة تحتاج إلى الكلام الجميل لتزيل كل الأعباء والهموم فالكلمة الحانية ذات مفعول أكيد.

مناقشة إشكالية بعض الدراسات السابقة

الزوجة شريكة حياة فهي عون للرجل وهو كذلك عون لها فالزوجان يتعاونان دوما في نماء “شركة الأسرة”. والزوجة سكن ، ومودة ورحمة ولباس وهي كلمات قرآنية صافية غاية في الدقة والرقة ولها تجلياتها النورانية.

من المؤكد أن كل الدراسات السابقة المتعلقة بحديث أم زرع دعت إلى الرفق بالنساء وحضت على التلطف معهن وطالبت بحُسْن الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ من باب إعلاء شأن الأنثى ولكن هذا الأصل العظيم تم تدعيمه – تجاوزا – بثلة من الأمثلة التي قد لا تتفق مع الأصل السابق أو على أقل الأحوال قد تؤدي إلى سوء فهم. إن الدراسات النسوية في المحيط الإسلامي تحاول غربلة الأمور، وتهدف إلى ترتيب الأولويات، وتنادي بمراجعة الأدبيات. فيما يلي سيناقش الباحثان –في عجالة- قضية العبارات والتصورات التي قد تقود إلى التهوين من عقل المرأة ومكانتها، مروراً بقضية ضرب النساء وانتهاءً بتصور عزل الأنثى عن المجتمع استنادا إلى الباحثين الذين أثاروا هذه القضايا في شرحهم المباشر أو غير المباشر لحديث أم زرع.

تطرق القرني (2005 م) إلى صفات الزوج والزوجة في كتابه بيت أسس على التقوى وذلك قبل أن يتعرض لحديث أم زرع وعندما نضم هذه الآراء إلى شرح الحديث في نهاية الكتاب نجد أنها تميل إلى التشدد ولا تخلو من الإشكاليات. طالب القرني الزوج بالصبر على زوجته “لأنها خلقت من ضلع أعوج[4]” كما ذكر في فوائد حديث أم زرع أن “فيه جواز أن يحب الرجل أهله بشرط ألا يؤدي ذلك إلى أن تتكبر عليه، لأن بعض النساء من نقصان عقلها إذا أخبرتها أنك تحبها تجنت عليك وقاطعتك وأخذت تغضبك لتري كيف تتحسر عليها!!” وأشار في كتابه إلى عدم رؤية النساء للرجال فقال عن فاطمة في حديث يروى عنها: ما أحسن وصية للنساء؟ قالت: ألا ترى الرجال ولا يرونها” (ص 211) ، وفي موضع آخر من كتابه يقول القرني “وقد سألت صحابية رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو حديث حسن: ما أحسن شيء للمرأة ؟ قال: (( أن لا ترى الرجال ولا يرونها))،  وهي وصيته صلي الله عليه وسلم التي تبقي أبد الدهر حلا للمرأة في دنياها وأخراها” (ص 165). وكتب المؤلف عن صفات المرأة المسلمة فقال ” فالواجب على المرأة أن تلزم وصية الله ووصية رسوله صلي الله عليه وسلم بأن لا تخرج من بيتها. قالت العرب: لا يعصم المرأة إلا ثلاثة : زوجها أو بيتها أو قبرها. ويوم أن تخرج المرأة فمعناه الضياع والعياذ بالله” (ص 211)”. وما زال علماؤنا ينصحون النساء بالامتناع عن مشاهدة صور الرجال الأجانب… فإن المرأة ضعيفة التحمل (الجريسي، ص 1124 ، 1125 م).

وتناول القرني قضية تعدد الزوجات فطالب بأن” لا تضجر أو تهرب النساء من التعدد، لأنه سنة الرسول صلي الله عليه وسلم …” (ص 200) ومن الفوائد المستنبطة من حديث أم زرع كتب القرني “تشجيع النساء أن لا تحرص الواحدة منهن على أن لا يكون قبلها زوجة، لكن تحرص على رجل الخير والدين والاستقامة وحسن الخلق، لأنها قد تسعد معه ولو كان معه ثلاث نساء أسعد مما لو كانت مع زوج ليس له إلا هي، فالمسألة مسألة دين وتعامل وخلق” (ص 243) ولم يذكر المؤلف أن من حق المرأة أن تشترط عدم الزواج عليها أو كما قال الإمام ابن تيمية في فتاويه “إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْدِ أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ أَنْ لا يُخْرِجَهَا مِنْ دِيَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لا يَتَسَرَّى أَوْ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَهَا تَطْلِيقُهَا صَحَّ الشَّرْطُ” (انظر أيضا موسوعة الأسرة، ج3، ص 50).

وقال القرني “والنساء من طبيعتهن الكفران ـ إلا من رحم الله منهن ..” (ص 226). وذكر ضرورة تغطية وجوه النساء فقال “وللأسف أنه يوجد من اكتفين فقط بتغطية الرأس وتعلقن ببعض الأدلة الواهية”. وقيل أن القرني ترك بعض آرائه ونسبت إليه فتوى بجواز كشف المرأة وجهها (محمد، 2005 م).

يرى الباحثان أن الإنسان بطبعه ومهما كان جنسه إذا ابتعد عن التربية القويمة وأعرض عن الإيمان يجحد جميع نعم الله بسبب الجهل أو الهوى فيطغى ويكون ظالما لعقله ومهلكا لنفسه. قال تعالى {وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً}، الإسراء: 67) فلم يتعلق البعض بنصوص ذات تأويلات شتى ويترك المقاصد الكبرى!

إن الرجل والمرأة خلقا في أحسن تقويم وهما بلا تربية قويمة ضعفاء وأن التربية قادرة على تغيير النفوس ولا بد من تفسير الأحاديث المتشابهة في مضامينها على ضوء الأحاديث والآيات المحكمة وعلى دعائم فقه المقاصد وعدم بتر النصوص عن أصولها وصولا إلى تحرير مسائل المرأة. إن طبيعة المرأة مثل الرجل في استعدادها للتربية القويمة ولا مجال إلى التهوين من هذا الأصل ولا مجال إلى قبول النقائص في النساء فالإنسان في العموم له عقل قويم إذا أخذ نصيبه من التنمية السليمة مهما كان جنسه أو دينه أو موطنه أو جنسيته.

إن الزوجة التي لا تخرج من بيتها ولا تنظر إلى أحد ولا يراها أحد إلا في أضيق الحدود دعوة غير مقبولة فالحياة الزوجية ليست زنزانة ضيقة للسجن الانفرادي!

ذكر أبو إسحاق الحويني وهو يشرح حديث أم زرع أن “الوفاء في النساء قليل”، ” ولا بد أن يعلم الزوج أن المرأة أسيرة عنده”، وعند كلامه عن مقتضى الوفاء والعشرة بالمعروف يذكر الحويني أن الزبير بن العوام –رضي الله عنه- كان شديداً، وكان متزوجاً بامرأتين، فإذا أراد أن يضربهما ربط ظفائرهما في بعض حتى لا تهربان، فكانت المرأة الأخرى تتقي الضرب بيديها، أما أسماء بنت أبي بكر فما كانت تحسن ذلك، فكان يظهر أثر الضرب عليها وينتفخ وجهها، فتذهب وتشتكي الزبير ، فيقول أبو بكر لها: (ارجعي يا ابنتي فإن الزبير رجل صالح)”[5]. وفي كتب التراث قيل لصفية بنت عبد المطلب وقد ضربت الزبير: لم تضربيه؟ فقالت: اضْرِبْهُ كَيْ يَلَبَّ ويقودَ الجيشَ ذا اللَّجَبِ[6].

فهل مثل هذه الروايات تستحق أن تروى في الملأ دون نقد لاذع لها؟ نعم الحزم مطلوب ولكنها ليس بالضرورة بالضرب.

لقد كان عقاب المرأة عند العرب ضربها بأن تسحب من شعرها (قرونها وغدائرها) (سالم، 2001 م، 22). ولهذا وإلى اليوم تهدف التربية الأسرية في المجتمعات العربية إلى إخضاع الفرد وكسر شوكته، وتتخذ عملية الإخضاع هذه أساليب شتى أهمها العقاب الجسدي والسخرية والاستهزاء (وطفة، 2000 م، ص 29).

وقال الحويني في معرض شرحه لحديث أم زرع أن ” المرأة فيها عوج، والمطلوب من الرجل أن يميل مع هذا العوج ولا يظل مستقيماً دائماً، وهذا معناه أن الرجل ينزل من مكان الرجولة إلى مستوى المرأة”.

هل الرجل بحاجة إلى أن “ينزل” أو “ينتقل” إلى مستوى المرأة؟

ويقول السواح (2004 م) في كتابه النهر الجاري في فقه الحياة الزوجية من فتح الباري “ومعاملة النساء أصعب من معاملة الرجال لأنهن أرق دينا، ، وأضعف عقلا وأضيق خلقا” (ص 9).

إن الإنسان في أساسه خلق ضعيفا لقوله سبحانه “وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ” (النساء: 28) إذا لم يشحذ ملكاته وينمي إيمانه والفقه التربوي ينبغي أن يعطي دافعية الثقة بالنفس. إن الإنسان – ذكرا كان أم أنثى – خلق في أحسن تقويم وأكمل صورة تؤهله لتعمير الحياة وكشف روائع عظمة الخالق سبحانه وتعالى في النفس والآفاق وفي ظل هذا الإطار الفاعل الإيجابي يجب أن نبني خطابنا التربوي الإصلاحي.

إن اختلاف الجنسين ليس ميدانا لتقليل شأن طرف على حساب الآخر فإن التربية السوية أساسها التكامل لا التفاضل. التكامل مآله الرقي بينما التفاضل يفضي إلى النزاع والصراع وحب السيطرة على المستويين؛ الأسري والمجتمعي. علاقة التكامل بين الزوجين بمعنى لكل وجهة هو موليها تعطي الزوجين فرص التنافس في إنجاز المهام مع الحرص على تحقيق مفهوم الشقائق والعشرة الحسنة.

إننا نفهم من حديث أم زرع أن الزوجة تفيد زوجها مهما بلغ علم زوجها ولكن البعض يفهم من الحديث أن المرأة كثيرة الكلام فقالوا “كما يجب على الرجل أن يستجيب لطبيعة المرأة التي لا يمكن أن تتغير فيها، مثال ذلك طبيعة حب الحديث، لهذا يحتم عليه سماع حديث زوجته، وأن يظهر تجاوبا واهتماما لذلك” (باهشام).

وهكذا نستخدم المداراة مع المرأة نظرا لضعف عقلها!!

لقد وصفت عقول النساء بنقائص كثيرة حتى أن طائفة من الكتب المعتبرة تناقلت عبارات الهمز ونظرات الغمز بصورة لا تجسد صفاء التصور الإسلامي للنساء. لقد قال بعض المفسرين عن ركاكة عقل المرأة أن النساء أسفه السفهاء، وكثيرا ما ردد العلماء: شاوروهن وخالفوهن[7] … و”بعض الفقهاء لا يشترطون العدالة في المرضعة المربية للطفل ، ويبررون ذلك بأن الفسق هو الحالة الغالبة بين النساء وقلما تتوفر العدالة فيهن” (مهريزي، 2005، ص 124).

ولا شك أن الدراسات الحديثة مطالبة بتصويب ما حدث لإتمام مسيرة الإصلاح. إن محكمات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مادة ثرية لتشجيع المرأة كي تحقق إنسانيتها وفاعليتها ولكن محاولات كثيرة تبذل باسم الدين للتقليل من منزلتها أو تقليص حركتها.

ولا شك أن بعض تلك النظرات – وغيرها أكثر – قد تستند إلى أحاديث نبوية صحيحة السند لكننا نرى دلالاتها من المتشابهات التي تحتاج إلى تفسير متأن في دائرة المحكمات والمقاصد العامة فلقد خلق المولى سبحانه الناس في أحسن وأكمل تقويم … وخلقت المرأة من الضلع لكي تكون قريبة إلى قلب الرجل فتكون مجاورة لروحه تمده بالمودة، وتشعره بالمحبة، وتعينه على نوائب الدهر.

قال الشاعر الهندي طاغور: (إن الله حين أراد أن يخلق حواء من آدم لم يخلقها من عظام رجليه حتى لا يدوسها، ولا من عظام رأسه حتى لا تدوسه، وإنما خلقها من أحد أضلاعه لتكون مساوية لـه قريبة إلى قلبه).

وفي حديث أم زرع إشارة للزوج القاسي المولع بالسَّادِيَّة حيث يتلذَّذ الإنسان بإِنزال العذاب بالآخرين من الذكور أو الإناث. وقام معظم شراح حديث أم زرع بالتنفير من ذلك الصنف إلا أن معظمهم أكدوا على أهمية العقاب البدني يستخدمه الزوج وفق ضوابط وكنا نأمل أن يكون التركيز على أنه يمكن الاستغناء عن هذا الصنف من العقاب نظرا لتوافر وسائل أخرى فاعلة ولأن العقاب البدني في التأديب قد يؤدي إلى المساس بكرامة الإنسان.

كتب محمد بن إبراهيم الحمد (2004 م) عن  صور تكريم الإسلام للمرأة فقال: “فالضرب طريق من طرق العلاج يجدي مع بعض النفوس الشاردة التي لا تفهم بالحسنى … هذا وقد أثبتت دراسات علم النفس أن بعض النساء لا ترتاح أنفسهن إلا إذا تعرضن إلى قسوة وضرب شديد مبرح، بل قد يعجبها من الرجل قسوته، وشدته، وعنفه؛ فإذا كانت امرأة من هذا النوع فإنه لا يستقيم أمرها إلا بالضرب” (باختصار، انظر أيضا عباس، 2006م، ص 72).

يرى الباحثان أنه يمكن الاستغناء عن العقاب البدني بل يفضل الابتعاد عن هذا السبيل في توجيه السلوك ولا بد من تجديد الخطاب التربوي المعاصر. قال ابن منظور في لسان العرب “وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنه قال لرجُلٍ: ((لا تَرْفَعْ عَصاكَ عن أَهْلِكَ))[8]. أَي: لا تَدَعْ تَأْديبَهُم وجَمْعَهُم على طاعَةِ الله تعالى؛لم يُرِد العَصا التي يُضْرَبُ بها ولا أَمَر أَحَداً قطُّ بذلك، ولم يُرِدِ الضَّرْبَ بالعَصا، ولكنه أَراد الأَدَبَ وجَعَلَه مَثَلاً يعني: لا تَغْفُلْ عن أَدَبهم ومَنْعِهم من الفَساد”. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : تَرْكُ الضَّرْبِ بِالْكُلِّيَّةِ أَفْضَلُ (الهيتمي). وورد في نيل الأوطار للشوكاني “فَإِنْ اكْتَفَى بِالتَّهْدِيدِ وَنَحْوِهِ كَانَ أَفْضَلَ”. يقول مرتضى مطهري (2003 م) ” لا يمكن تنمية أي إنسان عن طريق اخافته وضربه وارعابه وتهديده ” (ص 34) “فليس من خصائص الخوف أن يكون عامل نماء” (ص 35). وذكر الآبادي عن بعض العلماءخياركم من لا يضربهن … وترك الضرب أفضل وأجمل” (باختصار).

إن العنف الأسري في العالم العربي يفتح نافذة على منظومة كاملة من القيم الدنيا التي علت فوق الرؤوس قرونا متطاولة … فالعرف المجتمعي يحرض المرأة على الصبر على الضرب والألم (النعيمي، 2005 م، ص 114 ، 115، الأندلسي، 2005 م)، . “وحول أسباب ظاهرة العنف الأسري خاصة ضد المرأة فإنها “تعود إلى الموروث الاجتماعي الذي ينظر إلى المرأة بدونية، ويرتكز على تفسير خاطئ لنصوص الشرع .. كما أن العنف ضد المرأة يرتبط بالعديد من الظواهر الاجتماعية السلبية كالبطالة والقهر الاقتصادي والسياسي” (فواز، 2005 م). “الجاني الممارس للعنف ضد النساء سواء أكان (زوجا- أخا- ابنا… إلخ) غالبا ما يكون ضحية تربية خاطئة قائمة على العنف والتخويف، ومشبعة بمفاهيم خاطئة حول الرجولة والقوامة، وعن مكانة ودور المرأة في الحياة” (عبده، 2005 م). هناك بعض الآباء يسيئون فهم “القوامة” إذ يفهم منها التسلط بل وحق الضرب للزوجة والأولاد توهماً بأن ذلك من حقوق الرجال ومرد ذلك غالباً قصور التربية في ظل النظام الذكوري السائد في المجتمع العربي مع أن القوامة من القيام على الشيء بما يصلحه برعايته والإنفاق عليه وتحمل مسئوليته (الأنصاري، 2005م، الكندري، 2005م، ص 176) .

يرى محمود قمبر (2002 م) أن ضرب المرأة إهانة بشرية مرفوضة شرعا وكل ما ورد في هذا الباب يجب أن يفسر على سبيل الاستياء والغضب ولكن الواقع يكشف عن ثقافة قلقة وشائعة ففي دراسة مصرية وافق 96 % من الرجال على ضرب الزوج لزوجته في مجال تأديبها و86 % من النساء موافقات (ص 287، 298، كلمة التحرير، 2005 م، ص 8) .

استنادا إلى ما سبق فإن الذي يراه الباحثان أن العقاب البدني قضية بالغة الحساسية والأولى تجنب العقاب البدني وأنه يمكن التأديب والعقاب من دون استخدام ذلك الخيار المخيف الذي يصعب عدم التمادي فيه.

 

المضامين التربوية في حديث أم زرع

سيتناول الباحثان في هذه الدراسة تحليل قصة أم زرع وفق أربعة مضامين وهي كالآتي: (المضمون النفسي ، والجنسي ، والتعليمي ، والاجتماعي). وفيما يلي عرض تفصيلي لما سبق ذكره إجمالاً.

المضمون النفسي

يميل الطبع البشري إلى تبادل الخبرات والبوح بالأسرار وبث الأخبار لمن يحب وهو أمر مشروع شرعا ما لم يضر بمصالح الناس وطالما أنه في حدود الآداب الشرعية وطالما أنه لا يجر إلى الكشف عن أمور سترها الله ويحرم كشفها. يؤكد المتخصصون في العلاقات الزوجية على أن “عدم التعبير عن المشاعر يعوق ويوقف العلاقات الزوجية” (كارلسون ودينكماير، 2005 م، ص 58).

في حديث أم زرع إشارة إلى أن الجلسة النسائية كانت متنفسا رحبا وموثوقا لهن لبيان أحوالهن وبث الشكوى بينما اغتنم نسوة منهن –وهن الأكثرية- هذه الجلسة الاجتماعية كفرصة ثمينة لإظهار النعمة التي يرفلون بها فقاموا بتعداد محاسن أزواجهن بزهو وطيب قلب وهذا أمر مرغوب.  إن الذي يتحدث عن نعم الله عليه لا ينساها فتتجدد في حسه وينقل خبرات الخير للغير فيعيش المجتمع متفائلا وعلى الخير مقبلا. قال تعالى ” {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } (الضحى: 11).

لقد كان عدد المادحات لأزواجهن أكثر من النسوة الذين قاموا بذم أزواجهن في حديث أم زرع وهذا أمر يبشر بالخير ويدل على أن التصرفات الزوجية اللائقة بل والمحبوبة سترد بكثرة في تضاعيف الحديث.

يكشف حديث أم زرع عن منزلة المرأة عند الرجال وفي قلوب الأزواج في عصر من العصور حيث أن كثير منهم كان يجلهن ويضعهن في مقام كريم ويكونون أسرا سعيدة والبعض خلافا لذلك تماما إذ يهينهن بلؤم ولعل هذا هو الحال إلى الآن في كل المجتمعات. ويكشف الحديث عن أن المرأة غالبا هي الجانب الأضعف والمظلومة في المعادلات الزوجية الصعبة وتظل الصعوبة المقلقة دائما في كيفية التخلص من هذا المأزق الرهيب؟

والغريب في الأمر أن أوجه اللوم وأصابع الاتهام في حديث أم زرع توجهت كلها باللوم نحو الرجل من طرف خفي أو جلي. النسوة اللاتي ذممن أزواجهن ذكرن بصورة غير مقصودة جموح الزوج دون إشارة إلى أخطائهن وكأن اللوم وحده يقع على طرف واحد فقط وهذا من المحال لكل ناقد بصير عرك طبيعة وجوهر العلاقات الزوجية. ومهما تحدثنا عن ظلم المجتمع الذكوري وفحولة الرجل وعقدة الاستعلاء والعداء عنده فلا يمكن وضع كل النقائص والشرور في سلة الذكور فقط.

هناك زوجات ينظرن بعداء شديد إلى الأزواج بل يقمن بتحميلهم كل المسئولية عن أي أضرار تتعرض لها الزوجة. إن اتهام جنس بكل النقائص يعد عيبا خطيرا في منهج التفكير يؤذي صاحبه أو صاحبته ويسرق من صاحبه سعادته وراحة باله. وتتناسى بعض النساء أن النساء قمن بتربية الرجال”(محفوظ، 2006 م، بتصرف).

نشرت امرأة عربية مذكراتها (الباز، 2006 م) وهي تكشف بجلاء عن عنف الزوج وسوء خلقه وغيرته المرضية وبينت أن هذه ليست حالة فردية بل ظاهرة عامة تصطلي بنارها فتيات صغار السن ولعل هذه الشجاعة النادرة في كشف مشكلاتنا الاجتماعية مطلوبة رغم اختلافنا مع طرق عرض المشكلات الاجتماعية إلا أن تقليصها والتخلص منها هي غاية المأمول.

إن الظلم الواقع على المرأة أمر لا مراء فيه قديما وحديثا ولكن من الظلم أن نجعل اللوم كله دائما على عاتق الرجل وحده من دون أن نشير للأخطاء المشتركة.

أشار حديث أم زرع إلى مشكلة هامة من مشاكل الطلاق وهي تعلق المطلقة بزوجها السابق فأم زرع شعرت بالحنين إلى الماضي وقارنت بين حال زوجها الأول والثاني. ولو تفحصنا الاستشارات النفسية المتداولة في شبكات الانترنت نجد حالة معاصرة مقاربة إذ تقول فيها المطلقة “أحن إلى طليقي ..فهل أنا مريضة؟” ومثل هذه الحالات الغريبة والغامضة نجد أن غياب الرؤية الصحيحة من أسباب الطلاق الذي يقع بمحض ردود فعل غير مدروسة (أبو خليل، 2006 م). إن حنين أم زرع لأبي زرع بعد الطلاق قد يذكرنا بصورة شائعة تظهر في حياة المرأة التي تغفل عن رؤية نعمة الزوج الكريم ولا تفطن لها إلا بعد فوات الأوان. ولكن الحديث لا يصارحنا بأسباب الطلاق ويتركنا مع النتائج مباشرة دون إبراز السبب ورغم كرم وإحسان الزوج الثاني لأم زرع إلا أن القناعة لم تسعها وظل حنينها للزوج الأول أعظم. إن الأمن المالي والرخاء المعيشي جعل أم زرع أشد سعادة مع زوجها الأول وسكوتها عن التحدث عن ذكر الدفء العاطفي يترك الأمر مفتوحا لتفسيرين ؛ الأول أنها كانت تتنعم به والثاني أنه أمر غير ضروري مقارنة بالأمن الاقتصادي. إن الذي يترعرع في بيئة صحراوية أو أي بيئة أخرى يفكر كثيرا في ممتلكاته ومدخراته المادية تحسبا لقسوة الحياة مستقبلا حيث تشح الموارد وتنقلب الموازين المعيشية وتضطرب بالقحط والجدب بسبب احتباس المطر ويُبْس الأرض أو بفعل الغزوات الطاحنة التي تنشر جراثيم الفوضى.

وعندما ننظر إلى عيون الشعر العربي فإنها قد تفسر لنا النفسية والعقلية العربية التي تحن للموطن الأول فحنين أم زرع كان للزوج الأول لأنه الطارق الأول لقلبها ولأن الروح تحن دوما لأول سكن تعيش تحت ظله أيام الصبا وكما قال الشاعر:

نقّل فؤادَك حيث شئت من   الهوى
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى

ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل
وحنينه أبـداً لأوّل منـزل ؟

    إن فترة ما بعد الطلاق هي مرحلة تفكر عميق وتقدير للمآل فقد تندمل الجراح وقد تزداد سوءا، وإذا كانت أم زرع حنت لرجل طلقها فإن غيرها قد لا تصبح مثلها. ومثاله ما ذكره الميداني في أمثاله “فِي الصّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ”. كانت دَخْتَنُوس بنت لقيط زوجة “عمرو بن عُدَاس، وكان شيخاً كبيراً فَفَركَتْهُ (فركته: كرهته) فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، فلما أجْدَبَتْ بعثت إلى عمرو تطلب منه حَلُوبة، فَقَال عمرو “في الصيف ضيعت اللبن” فلما رجع الرسُولُ وقَال لها ما قَال عمرو ضربَتْ يَدَها على منكب زوجها، وقَالت “هذا ومَذْقُه خَيرٌ” تعني أن هذا الزوج الشاب مع عدم اللبن خيرٌ من عمرو العجوز، فذهبت كلماتها مَثَلاً. فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فَوَّته على نفسه، والثاني يضرب لمن قَنَع باليسير إذا لم يجد الخطير. وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاقَ كان في فصل الصيف” (بتصرف).

ويكشف الحديث محل الدراسة عن نمط لشخصية قلقة لا تريد سماع الصدق كما لا تقبل الصمت بل الصمت نذير غضب الزوج الذي لا يتورع عن معاقبتها أو هجرها . “‏قَالَتْ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي‏ ‏الْعَشَنَّقُ ‏إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ”. ولقد أخبرنا القرآن الكريم عن حالة المرأة المعلقة التي حالها أنها ليست بذات زوج ولا هي بالمرأة المطلقة وهي درجة بين درجتين نهى القرآن عنها بقوله “وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً” (النساء : 129). وهذه الحالة قد يغفل الباحثون عن رصدها وتحليلها حاليا فهي لا تظهر في سجل المطلقات وقد تكون متضررة مثل المطلقات ولكن الأرقام والإحصاءات لا تكشفها بسهولة.

وصفت الزوجة الرابعة شخصية زوجها بالاعتدال وهو قمة الثناء وهي شخصية وسطية تحبها النساء لأنها توفر الأمن الأسري النابع من صفاء الفطرة ونقاء البصيرة. الملل والخوف من أهم منقصات الحياة الزوجية كما يشير ظاهر الحديث ” قَالَتْ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي‏ ‏كَلَيْلِ ‏تِهَامَةَ لا حَرٌّ وَلا‏ ‏قُرٌّ‏ ‏وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ”. الزوج المعتدل الخلق حلو المعاشرة سمح المعاملة وظاهره مثل باطنه ليس بالشديد المتجهم ولا بالمهزوز المهزوم ولا شك أن الحسنة بين السيئتين وأن كل تطرف إلى اليمين أو اليسار مذموم والخير في أواسط الأمور.

لقد ذكرت المرأة الرابعة أن من أسباب سعادتها أنها لا تشعر “بالسَآمَة” فالملل في حد ذاته أمر طبيعي ويكون ضارا إذ استفحل في حياتنا وتحكم بسلوكنا لهذا فإن حياة السآمة خطرة في مسيرة الحياة الزوجية والتجديد مطلوب للتخلص من قسوة وبلادة روتين الحياة اليومي فإن تجديد تغيير نمط حياتنا يعد من الأمور المفيدة للروح ولا بد من حين لآخر من إحداث تغييرات في واقعنا المحيط بنا لنتجنب قسوة الحياة الرتيبة (ريتشاردسون، 2004 م، ص 137 ، 212) “فما أجمل الإنسان أن يعيد تنظيم نفسه بين الحين والحين” (الغزالي، 2002 م، ص 13).

“والملل يصيب الجميع ويعاني منه الزوج والزوجة العاملة وربة البيت ومبعث الملل وتيرة الحياة الواحدة ويجب أن ننتزع أنفسنا من دوامة الحياة ونجدد ذاتنا بتعلم مهارات جديدة، ويرتبط بذلك حب الحياة والتفاؤل، وعدم النظر للحياة من وجهها المظلم حتى لا تسيطر علينا روح اليأس والتشاؤم” (منصور، 2005 م، ص 103).

والملل في الأسرة والمدرسة من منغصات الحياة لهذا نجد سلفنا الصالح يوصون بترويح النفس والتحميض. والتحميض هو ترويح النفس بنحو شعر أو حكايات كي لا تمل من المذاكرة وغيرها وكان الصحابة رضي الله عنهم يستخدمون هذه الكلمة في مجالسهم ولطلابهم. وَالتَّحْمِيضُ لِدَفْعِ الْمَلالَة من الأَخْلاقِ الْحَسَنَة للمعلمين والأزواج والزوجات. قال القنوجي في أبجد العلوم “روي عن ابن عباس: أنه كان إذا فرغ من درس التفسير والحديث يقول لتلامذته: أحمضوا، ويأمرهم بالأخذ في ملح الكلام، خوفا عليهم من الملال (انظر أيضا: الباخرزي، ص 489).

وتكشف المرأة الخامسة شخصية الزوج الذي له نعوت الفهد في البيت والأسد خارجه فالأسد قوي وهو ممدوح عند العرب وكثيرا ما يوصف الأزواج به (الدريع، 2004 م، ص 58) والفهد يعرف بالحياء والسهولة وهنا مدح –على الأرجح- لأن الرجل يغض الطرف عن هنات أهل بيته ولا يدقق في الأمور. الزوج العاقل هو الذي “يَحْسُنُ عَدَمُ السُّؤَالِ عَمَّا فِي الْبَيْتِ : وَلا تَسْأَلَنْ عَنْ مَا عَهِدْت وَغُضَّ عَنْ عَوَارٍ إذَا لَمْ يَذْمُمْ الشَّرْعُ تَرْشُدْ ( وَلا تَسْأَلَنْ عَنْ مَا ) أَيْ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي (عَهِدْته مِنْ مَتَاعٍ يَسِيرٍ وَنَفَقَةٍ قَلِيلَةٍ) فَإِنَّ التَّنْقِيبَ عَنْ كُلِّ كَثِيرٍ وَحَقِيرٍ مِنْ أَخْلاقِ أَهْلِ الْحِرْصِ وَالشُّحِّ. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ “قَالَتْ الْخَامِسَةُ : زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ “. إنْ دَخَلَ فَهِدَ أَيْ نَامَ وَغَفَلَ كَالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ ، يُقَالُ : أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ . تَصِفهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ . وَقَوْلُهَا : وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ تَمْدَحُهُ بِالشَّجَاعَةِ أَيْ صَارَ كَالأَسَدِ ، يُقَالُ : أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ . وَقَوْلُهَا : وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ ، أَيْ لا يُفَتِّشُ عَمَّا رَأَى فِي الْبَيْتِ وَعَرَفَ . لا يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ ، وَلا يَلْتَفِتُ إلَى مَعَايِبِ الْبَيْتِ وَمَا فِيهِ ، فَكَأَنَّهُ سَاهٍ عَنْ ذَلِكَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِهِ شَرْحُ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ عَنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ مَا قَالَ : هَذَا يَقْتَضِي تَفْسِيرَيْنِ لِعَهِدَ ، أَحَدُهُمَا عَهِدَ قَبْلُ فَهُوَ يَرْجِعُ إلَى تَفَقُّدِ الْمَالِ ، وَالثَّانِي : عَهِدَ الآنَ فَهُوَ بِمَعْنَى الإِغْضَاءِ عَنْ الْمَعَايِبِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَالأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ فَهِدَ هَذَا عَلَى مَعْنَى الاسْتِعَارَةِ ، جَعَلَتْ كَثْرَةَ تَغَافُلِهِ كَالنَّوْمِ. وَلا سِيَّمَا وَقَدْ وُصِفَ الْفَهْدُ بِالْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الشَّرَهِ ، وَهَذِهِ كُلُّهَا خُلُقُ مَدْحٍ” (السفاريني، باختصار).

وقامت المرأة الثامنة بتقديم تشخيص مخيف لزوجها التي قالت عنه ” كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ‏‏شَجَّكِ‏ ‏أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاً لَكِ” أي أن العيوب المتفرقة في الناس جميعا ووردت مجتمعة في زوجها! ومنها أنه يضرب الوجه، ويكسر العظم، ولا يتورع من ضرب زوجته في أي عضو منها بهوس لا نظير له. ولا ريب أن الحياة الزوجية مع البطش والقسوة حياة سيئة لا تطاق وهي أقرب إلى الجحيم وهوله فمن فارق الرفق أخفق.

وللأسف الشديد فإن العنف ضد النساء في الشرق والغرب منتشر على حد سواء. لقد اقترنت جملة التشاؤم (كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ) بالضرب على أنواعه في الجبهة أو الرأس وسائر الأعضاء وكأن الجملة تحمل إلينا أن أشنع أنباء فعل الزوج هو أن يتطاول على زوجته وهذا دليل همجية وسادية. من رحمة الإسلام أنه حذر من التطاول على الأمة والعبد فضلا عن المساس بالحرة فاللئيم هو الذي يستخدم العنف في التقويم. قال شُرَيْح قَاضِي الكُوْفَةِ:

At these pharmacies customers are offered several benefits like- free shipping, on-time shipment, different offer, discounted pricing, easy ordering process, safe and secure transaction, money back guarantee and much more. my web-site purchase viagra online

رَأَيْتُ   رِجَالاً يَضْرِبُوْنَ نِسَاءهُم

فَشلَّتْ يَمِيْنِي حِيَنَ أَضْرِبُ   زَيْنَبَا

وَزَيْنَبُ   شَمْسٌ وَالنِّسَاءُ كَوَاكِبٌ

    إِذَا طَلَعتْ لَمْ   تُبْقِ مِنْهُنَّ كَوْكَبَا

يَتِمُّ اِقْتِرانُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ بالوَدَاعَة، والفَضِيلَة، والعِفَّة، والابْتِسَامَة المُثمِرة. رغم تنامي الوعي بأهمية الاحترام المتبادل بين الزوجين وبأن العنف ضد الزوجات آفة خطيرة تهدد عزة النفوس إلا أن الأرقام المخيفة والحالات الأليمة التي تحملها التقارير العالمية، والمؤتمرات الدولية، والنشرات الإعلامية والدراسات الميدانية تعكس واقعا أليما تتعرض له المرأة مما يحتم على التربويين ضرورة التصدي لهذه المعضلة التي تمتد آثارها السلبية على جميع أفراد الأسرة وعلى مسيرة المجتمع من زاوية أخرى. إن العنف المدرسي قد يبدأ من العنف العائلي. ومن القضايا الثقافية المعاصرة التي تقلق المرأة العربية “هي طريقة تربية الأسر للأولاد ليكونوا ناجحين وعنيفين فيما تتربي البنت على الإذعان وتقبل الوضع الذي تعيشه” (كونا، 2006م، ص 31، نور الدين ، ص 15).

إن حديث أم زرع يكشف للقارئ حقيقة بعض الرجال المضطربين الذين يستخدمون لغة اليد والبطش والاستبداد في أسرهم فتضيق عرى المودة والرحمة والسكن حتى تختنق ويصبح الميثاق الغليظ (الزواج) حبلا غليظا في عنق الزوجة يقتل معاني الشفقة ويزهق بقايا الرحمة. يتضمن حديث أم زرع قضية حساسة تنافي الإنسانية وهي قضية قسوة الزوج وبطشه وهي قضية مهملة عموما يرتكبها الرجل ويسكت عنها المجتمع وقد تبرر باسم القوامة وقد تستر تحت باب التضحية من أجل الأسرة وهكذا تروض الأجيال الخاضعة والأمم الخاملة عندما يعيشون بعيدا عن نفحات الرفق. إن الأرقام التي نسمع عنها من حين لآخر تفصح عن أزواج بلا قلوب وهي أرقام لا تجسد الواقع فما خفي أعظم فالمجتمعات التي قد لا تسمح بذكر اسم النساء في المجالس ، غالبا لا تسمح بالتعبير عن معاناتهن أيضا.

إن الأسلوب الأمثل في التعامل بين الزوجين هو الذي يقوم على المودة والتوافق واحترام الآخر واعتباره شريكا وليس بتابع. أسلوب التسلط والقسوة في التعامل من الزوج أو الزوجة يولد كيانات منبوذة ونفوس مريضة كما أنه “يحول دون التوافق وإشباع الحاجات، ويشعر الشريك بأن أمنه مهدد، وآدميته مهدرة، وشخصيته مدمرة” (منصور، 2005 م، ص 51).

قدم حديث أم زرع على لسان المرأة السابعة صورة مقززة منفرة عن الزوج المعتدي على زوجته وهو وصف صادق يصدع بالحق ويَسْطَعُ بالصدق: “قَالَتْ السَّابِعَةُ …كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ‏‏شَجَّكِ‏ ‏أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلا لَكِ” فهذا الزوج مجمع الأمراض ولا بد من وصفه بأسوأ الأوصاف وأقبح النعوت. نقل العسقلاني في فتح الباري ” يحتمل أن تكون أرادت أنه ضروب للنساء فإذا ضرب إما أن يكسر عظما أو يشج رأسها أو يجمعهما ويحتمل أن يريد بالفل الطرد والإبعاد … وصفته بالحمق والتناهي في سوء العشرة ويعجز عن قضاء وطرها مع الأذى فإذا حدثته سبها وإذا مازحته شجها وإذا اغضبته كسر عضوا من أعضائها أو شق جلدها أو أغار على مالها أو جمع كل ذلك من الضرب والجرح وكسر العضو وموجع الكلام وأخذ المال” (بتصرف يسير).

تطرق جمال سلطان (2006 م) إلى موضوع ضرب الزوجات والاعتداء عليهن، وأكد على أنه لا توجد دولة عربية ضمن القائمة الأشهر في أعلى نسب جرائم العنف ضد المرأة (ص 55). ولهذا يجب الحذر ممن يقول أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري وأن المرأة العربية مقهورة (عبدالواحد، 2002 م، 25). وهذا مؤشر مبشر بالخير ونتمناه ولكن هل تلك القراءات صحيحة في منهجيتها ونتائجها؟ وهل وصل الأمر بالمرأة العربية اليوم بأن تقرر مصيرها بحرية كاملة وتبوح بمشاعرها بصراحة تامة؟

ورغم أننا نعيش في الألفية الثالثة وأننا نستظل في ظلال الإسلام السمح الذي أنصف النساء فإن العوائق الاجتماعية على اختلاف درجاتها قد تجعل المرأة لا تبوح بقضاياها ولا تصرح باسمها أحيانا وإن كانت تكتب عملا مبدعاً (العوين، 2002م، ج1، ص 17).

ومن خلال خبراتنا الذاتية ومعايشتنا اليومية صدمنا من تشدد البعض في الكشف عن أسماء النساء ورأيناهم في الأسر والمدارس والمجالس والإذاعة والتلفاز وبطاقات الدعوة لإعلان حفل الزفاف لا يذكرون أسماء الإناث حفاظا على سريتها ولهذا فإن تهميش البنات من الأمور التي لا ينبغي أن نضرب صفحا عنها ولا يحق لنا التغافل عنها. من المريب أننا نرى القذى في عين الغرب ونحصي مصائبه وهفواته ثم لا نرمق الجذع الذي في أعيننا!!

يؤكد بعض الباحثين أن نظرة المجتمع الدونية للمرأة في عالمنا العربي مازالت تلاحقها (منصور 2005 م، ص 9، 35-36 ) وأن قضية ضرب المرأة ظاهرة بين المسلمين قديما وحديثا سببها الجهل والعادات السيئة (الشامي، 2004 م، ص 77، زراقط، 2005 م، ص 92، أبو سليمان، 2002 م، الكندري وآخرون، 2002 م، ص 312 ). ويعتقد المراقبون “أنه علينا الاعتراف بأن قضية المرأة لا تزال من الثغور المفتوحة في الفكر الإسلامي” و”أننا انشغلنا بأمر الدفاع عن المرأة وبيان حقوقها ومكانتها في الإسلام عن بناء شخصيتها ، واستيعاب دورها واستشراف المستقبل الذي ينتظرها” (سلام، 2006 م، ص 10).

يرى المتخصصون في العلاقات الزوجية أن من أكبر أخطاء الزوجات أنهن يتصرفن كأنهن أقل مكانة من الرجل الذي يحبونه مما يفسد عليهن حياتهن الزوجية (De Angelis, 2003, p. 23). إن الإسلام أرشدنا إلى الحق وهو أن النساء والرجال شقائق فالزوجان خليلان وكل خليل للخليل متمم وبه متيم والعلاقة بينهما علاقة تفاضل وتراحم ولا بقاء لهذه العلاقة إلا بالرفق والمساواة.

المضمون الجنسي

    أشار عبدالحليم أبو شقة (1999 م) إلى حديث أم زرع في كتابه تحرير المرأة في عصر الرسالة ووضع الحديث المذكور تحت فصل الثقافة الجنسية والحياء (ج6، ص 78) واستفتح الفصل قائلا “لقد توارثنا تصورا خاطئا ، مؤداه أن خلق الحياء يمنع المسلم من أن يخوض في أي حديث يتصل بأمور الجنس” (ج6، ص 39) مع أن الحديث عن الثقافة الجنسية بطريقة ملائمة بلسم للكثير من المشكلات الإنسانية المتفاقمة.

أشارت المرأة السادسة في حديث أم زرع إلى ضرورة مداعبة المرأة ومد يد الحنان لتلطيف العلاقة والاستماع إلى الشجون فقالت وهي تذم زوجها “وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ ‏الْبَثَّ” أي أن ذم الزوج كان بسبب إهماله مداعبة زوجته فيبتعد عنها في الفراش ويتنحى عنها فلا يعاشرها أو يتلمس أحزانها. ‏قال شراح الحديث النبوي “لِيَعْلَمَ ‏الْبَثَّ” “أي ما عندها من الميل للرجال والعرب تمدح قليل الأكل والشرب كثير الجماع لأنه يدل على تمام الفحولة” (ناصف، ج2، ص 319). يرى بعض الباحثين أن الشخصية العربية المعاصرة عموما قد تنظر بحذر إلى المرأة التي تبدي نشاطا جنسيا، وقد يتهمها بالانحراف ويشك بسلوكها، ولذا فهي تلجأ إلى كبت مشاعرها المتعلقة بالجنس وتأخذ المرأة أثناء الممارسة الجنسية دورا سلبيا، والمرأة في المجتمع العربي –في كثير من الحالات – لا تمثل أكثر من كونها جسد بلا روح وعاطفة بلا عقل (ذينات، 2004 م، ص 116، 117، الحيدري، 2003 م، ص 286،360). ومن المعلوم إلى هذا اليوم أن العربي كمجتمع ذكوري يتساهل مع زلات الذكور الجنسية ويتشدد بل قد يقتل-أحيانا- بمجرد الشك في زلة المرأة، ويقدم الأعراف الدارجة على محكمات الشرع في مثل هذه المسائل الحاسمة.

يقول الأستاذ جودت سعيد “ثقافتنا الموروثة لا تحترم المرأة ولا تعدل معها، وتغلب عليها المفاهيم الجاهلية، والخطأ منها أكبر من خطأ الرجل في نظر المجتمع، وإن كان الله ساوى بينهما في الجزاء.”

ولا شك أن الحياة الجنسية بكل أنواعها من ركائز السعادة الزوجية وفنونها كثيرة ولهذا نجد في تراثنا بعض المؤلفات التي حرصت على جمع القصص الجنسية المتخصصة كما فعل ابن طيفور في كتابه بلاغات النساء بل ناقش الفقهاء مسائل جنسية حساسة تمس الأعضاء الجنسية وأوضاع الجماع بالتفصيل ودون الوقوع في مستنقع الابتذال والإسفاف وهذا المسلك المستقيم هو عين الإنصاف. إن تلك المرأة بينت أن من أسباب تعاستها الزوجية إهمال الزوج المتعة الجنسية في الفراش لأنه فن له أصوله وأهميته وطرائقه النفسية والجسدية. إن التربية الإسلامية تحض على المتعة وتشجع كل مناهج البهجة والسرور ولكن التشدد والغلو جعل التدين مصطنعا والتقوى حاجزا فلا تكاد تجد الكثير من الدراسات الرصينة التي تتطرق إلى فنون اللذة الجنسية في فراش الزوجية فالشبق الجنسي الشديد والشهوة الملحة من مصادر اللذة للزوجين ولا بد لهما من إرشاد صحيح للوصول إلى ذروة اللذة والإمتاع والاستمتاع. إن موجات التفسخ والعري يجب أن لا تحجب المربين من بيان المسائل الجنسية واستيضاح الغامض من الأمور دون غلو لا سيما في مرحلة المراهقة فإن التعتيم ومنع الحديث عن الجنس ليس حلا مقبولا وليس خيارا مستحسنا.

الجنس غريزة أودعها الله فينا يجب إشباعها وكل نقص في الإشباع يخلق حالة توتر نفسية لا تزول إلا بإطفاء حريقها والمجتمع العربي اليوم يعاني من ازدواجية أخلاقية خطرة؛ فبقدر إخفاء الحديث علنا بقدر الشغف به سرا (جلبي، 2004 م، ص 2000). تقول د. سحر طلعت (2006 م) فمنذ بدأنا العمل في صفحة مشاكل وحلول الشباب، بشبكة “إسلام أون لاين.نت” انهالت علينا مشكلات القراء الجنسية والتي شكلت حوالي 24% من إجمالي المشكلات الواردة للصفحة، و27% من مشاكل المتزوجين. ومن مشكلاتهم … أدركنا أن الخلل راجع لأسباب عدة، أهمها الجهل المستشري وشيوع الكثير من الأساطير المتعلقة بالعلاقة الجنسية، بالإضافة لعدم إدراك رقي هذه العلاقة الزوجية واختزالها في معناها الجسدي الميكانيكي البحت، وكان حلمنا أن نتمكن من أن نساهم بجهد تعليمي وتدريبي لمحاربة هذا الجهل بسلاح العلم وبدأنا الآن نحقق الحلم (باختصار وتصرف).

قال الجاحظ في كتابه الحيوان “وشكت امرأةٌ زوجَها، وأخبرتْ عن جهِله بإتيان النساء، وعِيِّه وعجْزِه، وأنَّه إذا سقط عليها أطَبقَ صدرَه – والنساءُ يكرهْنَ وقُوعَ صدورِ الرجال على صدورهنَّ فقالت: زَوْجِي عَيَاياءُ طَباقاء، وكلُّ داءٍ لَهُ داءُ” (ص 41، محمود، 2002 م، ص 259).

وفي إفادة المرأة السابعة في حديث أم زرع بيان لأهمية المناشط الجنسية في بناء العلاقات الزوجية فقولها وهي تذم زوجها بنعته (عياياء) أي لا يستطيع إتيان النساء، من العي وهو الضعف والبرود الجنسي وقولها (طباقاء) قيل أنه يتعب بعد الجماع بسرعة لدرجة يطبق الزوج صدره عند الجماع على صدرها فيرتفع عنها أسفله، فيثقل عليها لأن المرأة لا تستمر في الاستمتاع في لذتها بذلك الوضع في فراشها. إن المصارحة الزوجية والحوارات الهادفة توضح للطرفين الأشكال الممتعة من المتع الزوجية وسبل تحسين الممارسات الجنسية بما يحقق أعلى لذة يمكن الوصول إليها. إن نقص الثقافة الجنسية والجهل بتقنياتها العملية من أسباب الجفوة بين الزوجين بل هو عامل أكيد في ارتفاع نسبة الطلاق فالتوافق الجنسي من أساسيات السعادة الزوجية.

وفي شرحه لكلمة طباقاء قال البستي: الطباقاء من الرجال هو الثقيل الصدر الذي يطبق صدره على صدر المرأة عند المباضعة وهو من مذام الرجال عند النساء، ويروى أن أم جندب قالت لإمرىء القيس وكان مفركا للنساء إنك ثقيل الصدر، خفيف العجز سريع الإراقة بطيء الإفاقة (ص 90).

عندما يمارس الزوجان الجنس بصورة خاطئة ولا يستمتع أحد الزوجين به، هنا تظهر سلوكيات مضطربة حيث يقوم أحد الزوجين بسلوك تمثيلي مصطنع غير صادق لا يعبر عن الانسجام بينهما. والثقافة الجنسية ضرورية وليست عيبا لكي نتجنب الحديث عنها. كثير من حالات الطلاق يكمن وراءها عدم توافق جنسي بين الزوجين (منصور، 2005 م، ص 72، 82-83). إن حديث أم زرع يخبرنا عن طبيعة فئة من النساء يكرهن ممارسات جنسية معينة يمارسها الأزواج ورغم أن الأوضاع الجنسية تعتمد في كثير من جوانبها على الذوق والثقافة والعمر والرغبة والكثير من المؤثرات الأخرى إلا أن الإشباع الجنسي له درجات كثيرة لا يمكن الوصول إليها إلا بالمكاشفة والمصارحة والتجربة بين الزوجين والتعرف على أوضاع وألفاظ وطرائق جنسية تجدد وترفع من مقدار ونوعية اللذة كي تصل إلى ذروتها عضويا ونفسيا.

إن الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة في ظل مؤسسة الزواج يعكس مشاعر محبة كامنة وهي وسيلة للتعبير عنها والتنعم بها. والحب في التصور الإسلامي يتألق في رحاب الزواج ولهذا قال رَسُول اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمْ: “لم يُر للمتحابين مثل النكاح” (رواه الطبراني). وبكل صراحة جعل الإسلام الاتصال الجنسي بين الزوجين عملية مرغوبة ومحفوفة بالمثوبة لأنها لو كانت في الحرام فهي مذمومة وآثمة. وهكذا لا تكتمل الحياة الزوجية السعيدة إلا بتوافق جنسي.

“قَالَتْ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ” أي أن صفاته الجميلة تشبه الفهد في نومه وفي أنه يثب عليها كما يثب الفهد في سرعته أي يبادر إلى معاشرتها وجماعها من شدة حبه لها، فهو لا يصبر عنها إذا دخل الفراش معها وقيل أن المراد فهد بمعنى “نام وغَفَل عن معَايب البيت التي يَلْزَمُني إصْلاحُها. والفَهْد يُوصَف بكثرة النوم، فهي تَصِفه بالكرم وحُسْن الخُلُق، فكأنه نائم عن ذلك أو ساهٍ، وإنما هو مُتَناوِم ومُتَغافِل” (ابن الأثير) وقد يسع الأمر التفسيرين معا.

وبخلاف ما سبق فلقد قيل في شرح حديث أم زرع أن الزوجة الْخَامِسَة التي وصفت زوجها بالفهد كانت تقصد أنه يضربها وقيل يبادر لجماعها دون مقدمات اللمس والقبلة والكلمات الناعمة وهذا هو توجه بعض الشراح إذ حملوا القول على الذم وسوء الخلق فتشبيه الزوج بالفهد –في نظر بعضهم- يعني أنه “ليست عنده مداعبة ولا ملاعبة قبل المواقعة ، بل يثب وثوبا كالوحش أو من جهة سوء الخلق ، وأنه يبطش بها ، ويضربها” (لاشين، 2002، ج9، ص 399، السواح، 2004 م، ص 214).

وأما الزوج الآخر (في مقالة المرأة السَّادِسَة) الذي لا يتحسس بيده أوضاع زوجته وَلا يُولِجُ الْكَفَّ فهو لا يضاجعها ليعلم ما عندها من محبة لقربه (القرطبي، 1996 م، ج6، ص 337 -338). ويرى المختصون في قضايا الأسرة أن لغة الجسد أي الأسلوب غير اللفظي في التواصل بين الزوجين يعطي نتائج ايجابية (موسوعة الأسرة، 2005 م، ج3، ص 687) مذهلة فلا مناص من الإحاطة بها والحذر من الجهل بها والتخلي عنها.

وفي قول أم زرع وصف لجسد المرأة “امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ..” وفي تشبيه النهدين بالرمانتين إشارة إلى صغر سن المرأة وأنها لم تترهل حتى ينكسر ثدياها ويتدليا (أبوشقة، 1999م، ص 78).

وقال بعض شراح الحديث أن أبا زرع قبل أن يطلق زوجته أم زرع افتتن برؤية امرأة ذات ثديين صغيرين حسنين كالرمانتين من حيث الرأس والاستدارة، فيهما نوع طول، بحيث إذا نامت قربا من وسطها. إن الجنس له أثر خطير في حياة الناس وقراراتهم وتصرفاتهم. قام أبو زرع بتطليق أم زرع وأخذ أم الولدين لجمالها أم لأنها تلد البنين أم للأمرين معا! لعل أبو زرع وقع في خداع الشهوات لأنه غير قنوع بأم زرع العاشقة له والمتلهفة عليه فظن أن اللذة في غير زوجته ولعله أدرك لاحقا أن الأمر واحد وأنه استعجل وندم.

يقول ابن الجوزي في كتابه المرموق صيد الخاطر عن خداع الشهوات ” أكثر شهوات الحس النساء، وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها فيتخايل له أنها أحسن من زوجته أو يتصور بفكره المستحسنات وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج. فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها فيمل ويطلب شيئاً آخر. ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن … وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم وظهور محاسنها، فتلذ لهم تلك الساعة، ثم ينتقلون إلى أخرى” (ص 99، باختصار). والطمع لا ساحل له وصاحبه لا يقنع ولا يشبع.

إن خبراء العلاقات الزوجية ينصحون الزوج فيقولون له: لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك وأيضا النصيحة موجهة للزوجة فعليها أن لا تتخيل رجلا أحسن من زوجها (منصور ، 2005 م، ص 147). ورد في صحيح مسلم “قَالَ جَابِرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ، فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ”. قال النووي في شرح مسلم “ومعنى الحديث: أنَّه يستحبُّ لمن رأى امرأة فتحرَّكت شهوته أن يأتي امرأته … فليواقعها ليدفع شهوته وتسكن نفسه، ويجمع قلبه على ما هو بصدده” (باختصار).

إن اللمسات الحانية ، والعطور الطيبة تقرب الزوجين وفي لغتنا العربية الجميلة – كما في المعجم الوسيط– “(المِعْطارُ) من الرِّجال والنساءِ: من يتعهَّدُ نفسَهُ بالطِّيب ويكثر منه وجمعه معاطيرُ”. قالت المرأة الثامنة وهي تثني على لطف زوجها “الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ‏ ‏زَرْنَبٍ” وهذا الوصف يحمل في طياته معاني الرقة والجمال والقرب والدفء والانسجام والهناء بين الزوجين. وهذه اللغة الأديبة في وصف شريك الحياة تجسد الكيان المعنوي والمادي للحياة الزوجية الفاعلة التي تنتعش بالاتصالات غير اللفظية وتزدهر بكلمات كأطايب الثمر.

وأخيرا، فإن اللذة الجنسية في فراش الزوجية ليست حقا للرجل وواجبا على المرأة (Schulz, 1980, p. 175 & Rodgers) بل هي حق وواجب للطرفين معا. قال تعالى ” {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة: 187). “كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه” (تفسير الجلالين للسيوطي). قال أبو حامد الغزالي مرشدا الزوج إلى آداب الجماع “ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ” (ص 387).

 

المضمون التعليمي

يتضمن حديث أم زرع على كلمات جزلة من شأنها أن تنمي الذكاء اللغوي والدليل على ذلك أن كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يعج بفيض من المعارف والمفردات اللغوية التي تجسد الهوية العربية التي تعتز بسعة لسانها، وكثرة مفرداتها ، ودقة معانيها، وجمال مبانيها. ومن وظائف اللغة ترقيق النفوس وتهذيبها أو كما قال الشافعي ” وَمَنْ نَظَرَ فِي اللُّغَةِ، رَقَّ طَبْعُهُ” (الذهبي، 2006 م). لا بد من الاعتناء باللغة العربية لأن اللغة وعاء للفكر (علي، 2003 م، ص 196)، “وسلم ومرقاة إلى جميع العلوم، ومن لم يعلم اللغة فلا سبيل له إلى تحصيل العلوم. فإن من أراد أن يصعد سطحا عليه تمهيد المرقاة أولا ثم بعد ذالك يصعد، وعلم اللغة وسيلة عظيمة ومرقاة كبيرة فلا يستغني طالب العلم عن أحكام اللغة فعلم اللغة أصل الأصول” (الغزالي، الرسالة اللدنية، 1996م، ص 228). وفق هذا المنطق فإن الذخائر اللغوية المبثوثة في حديث بعض هؤلاء النسوة في حديث أم زرع يمثل “دقائق أدبية، وعبارات بلاغية، تصلح فنا أدبيا رائقا” (الشربجي، 2002 م، ج2، ص 166) يمكن أن نقتبس منه في مناهجنا الدراسية لتنمية الملكة الأدبية والذكاء اللغوي.

والسّجْعُ من المحسنات البديعية ذات الأغراض التعليمية حيث يستقر المراد في الأذهان بسهولة كما تصبح الجملة ذات وقع جميل في أذن السامع . “قَالَتْ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ ‏النَّادِ”. والسّجْعُ هو الكلام المقفّى غير الموزون ويكون جميلا إذا لم يكن متكلفا. وأما من حيث المعنى فإن العبارة السابقة لطيفة ومستفيضة بالمعاني الدقيقة. قال ابن تيمية “فإن عظم الرماد يستلزم كثرة الطبخ المستلزم في عادتهم لكثرة الضيف؛ المستلزم للكرم‏.‏ وطول النجاد يستلزم طول القامة…”.

العناية باللغة العربية من الأخلاق الرفيعة لا سيما في عصرنا الحالي حيث تشتد الأعاصير حول استخدام الفصحى وذلك بانتشار اللغات الأجنبية وتسيد اللغة العامية الركيكة. واللغة هوية الأمة وسياجها. يحتاج المربي إلى أن يكون كلامه جزلا في معناه ومبناه ما استطاع إلى ذلك سبيلا وحديث أم زرع على لسان أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها يبين فخر العربي بلغته الفصيحة التي لا ساحل لها. لقد رضعت السيدة عائشة لغة الضاد الفصيحة من سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه “ومَنْ شَابَهَ أباهُ فَمَا ظَلَم”؛ “إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ” ثم زادت لغة عائشة تألقا بأنها اقتبست من مشكاة النبوة المعجزة فجاء بيانها جزلا.

ومن زاوية أخرى فإن حديث أم زرع خير دليل لتواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحبه لطلب العلم وهو تفسير عملي لقوله سبحانه {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } (طه : 114). وتشرق الشمائل النبوية وتتألق عندما تمارس هذه الشخصية الفارعة الاستماع الإيجابي للزوجة الصغيرة (عائشة رضي الله عنها) حتى إذا ما انتهت من قصتها وفرغت من حديثها إذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يبادرها فيعلق على حكايتها تعليق العليم الخبير فيربط الماضي بحياته الشخصية وتجربته الزوجية. إن الاستماع الإيجابي من أهم مفاتيح الحياة الزوجية التي تمنع الاكتئاب والاستبداد، وتقطع دابر الجفوة بين الزوجين. إن التعليق على الرواية (قَالَتْ ‏عَائِشَةُ: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ لَكِ ‏‏كَأَبِي زَرْعٍ‏‏ لأُمِّ زَرْعٍ) دليل تفاعل واستماع من أجل المتعة والتقدير؛ الاستماع قلبا وقالبا رغبة في الاستفادة .

إن قصة أم زرع بعمومها تبين أهمية الاستماع للزوجة وضرورة سماع البث والشكوى وهو ما يؤكد عليه خبراء العلاقات الزوجية فالسمع الجيد يؤكد المشاعر النبيلة نحو شريك الحياة (كارلسون وكارلسون، 2000 م، ص 98). ومن القواعد الأسرية البالغة الأهمية “اصغ السمع للآخرين تحظ باحترامهم” (كارلسون، 1999م، ص 29). إن السماع والإنصات في الحياة الزوجية “واجب ولا ينجح من لا يستمع وبإنصات” (الراشد، 1998 م، ص 40). “وفي الاستماع اليقظ لا نستمع للكلمات فقط بل المشاعر الكامنة وراء هذه الكلمات” (كارلسون، 2005 م، ص 22).

قالت أم زرع في مدح زوجها “فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلا أُقَبَّحُ ” وهذا الأمان النفسي بلسم للمشكلات الزوجية وأهم وسيلة لتنمية المحبة. ومن محاسن الإسلام أنه يحث الإنسان على أن يكون عف اللسان عذب البيان.

ولا شك أن القبيح من القول مظهر من مظاهر العنف إذ أن العنف هو “الفعل القائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة (الجسدية، النفسية)، أو الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة” (الأمم المتحدة، 2001 م). ومن صور العنف الاعتداء اللفظي كالكلام الموجع ويمتد الاعتداء ليشمل أخذ مال المرأة دون رضاها.

إن ما يقارب نصف الحالات الواردة في حديث أم زرع تتحدث عن تجارب زوجية ناجحة ومن أهم أسباب نجاحها تفاهم الزوجين وكما يقول فولتير “أسَاسُ الزَّوَاجِ الصَّحِيحِ تَفَاهُمٌ مُتَبَادَلٌ” (موسوعة الحكم والأمثال). ولا يتحقق التفاهم إلا بالاحترام المتبادل من الطرفين ولهذا نجد أن الحالات الزوجية الفاشلة الواردة في حديث أم زرع تعاني بشكل حاد من غياب الاحترام للزوجة مما ولد النفور الجنسي، وعدم التوافق الفكري، والاعتداء البدني.

يقول عمرو خالد (2006 م) “كيف تبني علاقة عاطفية ناجحة مع زوجك وتكونين حياة أسرية متوازنة؟” من وسائل تنمية “الحب والمودة بين الزوجين … تخصيص وقت للجلوس معًا وإنصات كل طرف للأخر بتلهف واهتمام . وقد تعجب بعض العلماء من إنصات الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحديث عائشة رضي الله عنها حين روت قصة أم زرع”.

ويقول القرضاوي “ومن واجب الزوج في المعاشرة بالمعروف أن يكون لطيفاً مع زوجته، حسن المعاشرة، يتلطَّف بها ويستمع إلى حكاياتها كما رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إلى عائشة وهي تحدِّثه عن إحدى عشرة امرأة كل واحدة تصف زوجها بوصف … انظر إلى هذه الملاطفة! بعض الناس لا يجد عنده طاقة لأن يستمع من زوجته، وبعض الناس يسكت امرأته بطريقة غير مهذبة فيقول لها: اسكتي اسكتي، كأن هذه المرأة لا قيمة لها أو لا وزن لها” (بتصرف يسير).

ولأن التربية السليمة تربية شاملة فهي لا تغفل جانب الجسد ولهذا نجد في الحديث أن الإسراف في الطعام من أسوأ المكدرات الزوجية فلا تنتهي طلبات الزوج النهم ولا يعجبه الطعام المعد له إلا بشق الأنفس. إن المرأة السادسة أشارت إلى أن آداب الطعام من الأمور التي تستحق الملاحظة وأن سعادة الحياة الزوجية على المستوى البعيد تتأثر بهذا الأمر الهام. ولقد وصفت أم زرع أطفال أبي زرع بالرشاقة مدحا لهم.

    إن الحرص على النظافة العامة هي التي جعلت الزوج يحوز على إعجاب زوجته فوصفته قائلة “زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ‏ ‏زَرْنَبٍ”. الجمال قيمة ضرورية ورسالة حضارية تبدأ من الأسرة الصغيرة وتصل منافعها إلى أرجاء المجتمع كله . إن البيوتات السعيدة تحتضن مظاهر النظافة على أساس أنها من الأمور الجوهرية لا الكمالية فتخصص الأموال اللازمة وتبذل الجهود الكافية لإشاعة الجمال بجميع صنوفه. قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ ، وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ (الخطيب الشربيني، منصور، 2005 م، ص 149).

    لقد كانت خادمة أم زرع عاقلة أمينة فهي لا تفشي أسرار البيت، كما تحافظ على الطعام وكانت حريصة على تنظيف البيت من الأوساخ المادية والمعنوية وهذه ثلاث صفات ركزت عليها أم زرع في تصويرها لأخلاق الخادمة الأمينة وهي في غاية الأهمية.

وصفت المرأة الأولى زوجها بأنه “لَحْمُ جَمَلٍ ‏غَثٍّ” ولعلها –بعبارتها المقتضبة جدا- تريد الإشارة إلى صنف من الأزواج الذين يقل نفعهم مثل قطعة من لحم جمل غير مرغوب في أكلها ثم توضع في ذروة جبل يعسر الصعود إليها علما بأن لحوم الجمال غير لذيذة مقارنة بسائر اللحوم. هذه الفئة من الناس لا تنتزع إعجاب الزوجة التي ترغب في اكتشاف الشخصية الإنسانية التي يعم نفعها، وينتشر خيرها.

يقدم لنا حديث أم زرع ثقافة ايجابية وعلاقات زوجية ناجحة كي نترسم خطاها وأخرى فاشلة كي نجتنبها ومن يتق الزلل يسلم من الأذى. والحق أننا -رغم كل المؤثرات البيئية والوراثية- نحن الذين نصنع حياتنا عندما نركز على الأفكار الإيجابية ولا بد من تجنب البغض والكراهية وذلك بالبحث عن أجمل الصفات التي يقوم بها شريك الحياة فنشكر له إحسانه ونغفر له زلاته. قال رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: “لاَ يَفْرَكْ [يبغض] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ” (رواه مسلم). إن تحري الخير يدفعنا إلى إبراز الجوانب المضيئة لنسترشد بها ونربطها بنظرة تفاؤلية للحياة والمستقبل والناس وهذا يمنع أو يقلل من حالات الطلاق وحدة الجفوة.

تحذر الدراسات الاجتماعية من جملة صفات من شأنها تدمير العلاقة الزوجية منها : سوء الخلق قولا وعملا، والاستبداد والأنانية، وإهمال البيت ، وتقلب المزاج ، وخيانة العشرة الزوجية، والبخل، والطمع (دودين ، 1994 م، ص 42 – 48). تحب المرأة في الرجل الخصال التالية:

  1. غض الطرف عن الهفوات والأخطاء وخاصة غير المقصودة منها في الأقوال والسلوك.
  2. لا يذكرها الزوج إلا بالخير.
  3. عدم إفشاء الأسرار.
  4. التجمل والتزين.
  5. عدم السخط من ولادة البنات (الفقير، 1994 م، ص 70 – 74). وأكثر من هذا يجب الفرح بولادة البنات مثلما نفرح بالبنين.

ومن الفوائد التعليمية التي يمكن استنباطها من أسلوب السيدة عائشة رضي الله عنها في سرد حديث أم زرع أنها لم تذكر أسماء النسوة ورغم سعي بعض شراح الحديث إلى إيراد أسماء النسوة وتتبعها من في مصادر شتى إلا أن حديث أم زرع يسلط الضوء على الأفعال لا على الأسماء كي ينصرف الذهن إلى تحليل المحتوى ولا ينشغل بتذكر الأسماء. إن إغفال الأسماء والأماكن والأوقات في رواية القصص ونقل الأحداث من طرق الإثارة أحيانا.

ومن الناحية البيئية فإن حديث أم زرع وثيق الصلة بالبيئة المحلية التي تمتد مساحاتها على رمال الصحراء فتشبيه الزوج بالأسد والفهد والأرنب ونبات الزرنب تجعل حكاية أم زرع مثالا لتعلق الفرد ببيئته. يقوم التشبيه بدور تعليمي كبير حيث يعطي الخيال حيزا من المقال فيزداد الكلام حيوية وحركة. لقد وجد سلفنا الصالح في حديث أم زرع مسرحا رحبا لاستعراض المعارف اللطيفة والملاحظات الدقيقة وبيان أوجه الشبه بين عالمي الإنسان والحيوان. إن مناقشة حديث أم زرع فتح لهم الباب لمعالجة قضايا متنوعة. قال السفاريني “مَطْلَبٌ : فِي أَوْصَافِ الْفَهْدِ وَتَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ . (وَ) (كَفَهْدِ) وَاحِدُ الْفُهُودِ وَفَهِدَ الرَّجُلُ أَشْبَهَ الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَتَمَدُّدِهِ . وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ قَالَتْ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهْدٌ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ وَلا يَرْفَعُ الْيَوْمَ لِغَدٍ .. أَيْ نَامَ وَغَفَلَ كَالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ يُقَالُ أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ … تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ ، وَالْغَفْلَةِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ . وَقَوْلُهَا ، وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ تَمْدَحُهُ بِالشَّجَاعَةِ أَيْ صَارَ كَالأَسَدِ يُقَالُ أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ . وَقَوْلُهَا عَمَّا عَهِدَ أَيْ رَأَى فِي الْبَيْتِ وَعَرَفَ . لا يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَلا يَلْتَفِتُ إلَى مَعَايِبِ الْبَيْتِ … وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ فِي اللِّينِ وَالدَّعَةِ ، وَالْغَفْلَةِ عِنْدَهَا كَالْفَهْدِ ، وَإِذَا خَرَجَ كَانَ كَالأَسَدِ فِي شَجَاعَتِهِ. وَقَدْ وُصِفَ الْفَهْدُ بِالْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الشَّرَهِ وَهَذِهِ كُلُّهَا خُلُقُ مَدْحٍ. وَزَعَمَ أَرِسْطُو أَنَّ الْفَهْدَ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أَسَدٍ وَنَمِرٍ وَمِزَاجُهُ مِثْلُ النَّمِرِ ، وَفِي طَبْعِهِ مُشَابَهَةٌ بِالْكَلْبِ فِي أَدَوَاتِهِ وَذَاتِهِ وَيُقَالُ : إنَّ الْفَهْدَةَ إذَا أَثْقَلَتْ بِالْحَمْلِ حَنَّ عَلَيْهَا كُلُّ ذَكَرٍ يَرَاهَا مِنْ الْفُهُودِ وَيُوَاسِيهَا مِنْ صَيْدِهِ ، فَإِذَا أَرَادَتْ الْوِلادَةَ هَرَبَتْ إلَى مَوْضِعٍ قَدْ أَعَدَّتْهُ لِذَلِكَ وَيُوصَفُ الْفَهْدُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَكَثْرَةِ الْغَضَبِ ، فَإِذَا وَثَبَ عَلَى فَرِيسَةٍ لا يَتَنَفَّسُ حَتَّى يَنَالَهَا فَيَحْمَى لِذَلِكَ وَتَمْتَلِئُ رِئَتُهُ مِنْ الْهَوَاءِ الَّذِي حَبَسَهُ ، فَإِذَا أَخْطَأَ صَيْدَهُ رَجَعَ مُغْضَبًا وَرُبَّمَا قَتَلَ سَائِسَهُ. وَمِنْ طَبْعِهِ الإِسَاءَةُ إلَى مَنْ يُحْسِنُ إلَيْهِ . وَكِبَارُ الْفُهُودِ أَقْبَلُ لِلتَّأْدِيبِ مِنْ صِغَارِهَا . وَأَوَّلُ مَنْ صَادَ بِالْفَهْدِ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ وَأَوَّلُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخَيْلِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ . وَأَكْثَرُ مَنْ اُشْتُهِرَ بِاللَّعِبِ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ . وَحُكْمُهُ تَحْرِيمُ الأَكْلِ ؛ لأَنَّهُ ذُو نَابٍ كَالأَسَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ” (باختصار).

من الواضح ، وفق ما سبق في النص التراثي، حرص السابقين على شمولية المناقشة، وأمانة النقل، وتحليل النصوص في ضوء البيئة الطبيعة الجميلة التي كانت غنية بالموارد وبدأت اليوم تعاني من كارثة اختلال التوازن البيئي وانقراض كثير من الحيوانات. يوجه القرآن الكريم إلى النظر في عجائب المخلوقات فيقول ” {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام: 38). إن وصف النسوة في حديث أم زرع استند إلى استعارة بعض الصفات من عالم الحيوان لتصوير جوانب في شخصية أزواجهن وهذا يعكس سعة ثقافتهن بالبيئة المحلية.

المضمون الاجتماعي

ناقش أسلافنا الكرام حديث أم زرع من زوايا مختلفة وتناولوا مبدأ العدالة بين الزوجات واللطف مع النساء واستنبطوا منه الْحَضّ عَلَى الْوَفَاء وَالصَّبْر وخلاصة قولهم: ضرورة ربط الحديث بمكارم الأخلاق لإسعاد الأسرة. “قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بُغْيَة الرَّائِدِ فِيمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ مِنْ الْفَوَائِدِ وَفِيهِ إكْرَامُ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهٍ … وَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ حُسْنُ عِشْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ أَهْلِهِ وَتَأْنِيسُهُنَّ وَاسْتِحْبَابُ مُحَادَثَتِهِنَّ بِمَا لا إثْمَ فِيهِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : فِي ذَلِكَ مَرْضَاةٌ لِرَبِّكِ وَمَحَبَّةٌ فِي أَهْلِكِ وَمَثْرَاةٌ فِي مَالِكَ وَمِنْسَأَةٌ فِي أَجَلِكِ . جَوَازُ إخْبَارِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَأَهْلَهُ بِصُورَةِ حَالِهِ مَعَهُمْ وَحُسْنِ صُحْبَتِهِ إيَّاهُمْ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِمْ وَتَذْكِيرِهِمْ ذَلِكَ . الْحَدِيث فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي الْحَضِّ عَلَى الْوَفَاءِ لِلزَّوْجِ كَمَا فِي كَلامِ أُمِّ زَرْعٍ وَالصَّبْرُ عَلَى الأَزْوَاجِ كَمَا فِي حَدِيثِ غَيْرِهَا” (الحطاب، باختصار) .

إن حديث أم زرع يبين المقدرة الفائقة للمرأة العربية في رصد وتصوير دقائق الرجل من كل جوانبه ومعرفة جوانب القوة ومواطن التحدي عنده فهي قد تدرك “عُجَرَهُ ‏وَبُجَرَهُ” وذلك من وحي العشرة الزوجية ونتيجة لفطرة سليمة. لقد جاء الحديث ليثبت قدرة المرأة على تحديد شخصية الرجل بدقة وإيجاز. هذه الفائدة تقودنا إلى أهمية رأي المرأة في تحسين نوعية الحياة الأسرية والمجتمعية فهي مرآة للرجل ولديها قدرة عقلية متقنة قادرة على كشف شخصية الرجل مما يسهل عملية الإرشاد والنصح والتوجيه. ومن الظلم أن تعشعش في أذهان فئات من الناس فكرة نقصان عقل المرأة بمعنى أنها لا تستشار في عظائم الأمور أو أنها من أسفه السفهاء وأن خيرا لها أن لا ترى رجلا وأن لا يراها رجل وأن صوتها عورة ويجب الحذر منها. والحق أن النظر إلى عقل المرأة من منظار الاستعلاء الذكوري ليس أمرا سهلا يُتَجَوَّزُ فيه ولا يمكن السكوت عليه.

إن المرأة تملك أهلية الإصلاح وطالبها القرآن بالسعي والتعمير والتغيير وهو أمر لا يقوم بأعبائه إلا من توفرت فيه الأهلية وعرك أحوال الناس وفكرة عزل المرأة عن حركة المجتمع غير مجدية. قال جل ثناؤه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة : 71). إن عطاء المرأة في الأسرة والمجتمع مرهون بدور البيئة في تنمية مواهبها وتوفير الفرص لصقل قدراتها والوصول بها إلى أعلى مدى يمكن التفكير فيه وهذا لا يتم إلا بالإيمان بطبيعة المرأة كمخلوقة لا تقل شأنا عن الرجل أبدا في بيتها ومجتمعها في آن واحد.

يعتقد محمود قمبر (2002 م) – وهو أحد المتخصصين في أصول التربية – أن الذكاء هبة الله للجميع، ويتوزع على الناس رجالا ونساء، ودون ارتباط بجنس ولكن بسلامة الفطرة وحسن التربية… وعلى الصعيد التربوي العلمي، فإن مناهج الدراسة وبالذات في العلوم الإنسانية والاجتماعية تستدعي بالضرورة مراجعة أصولية لمضامينها المعرفية حتى تتطهر من كل الرواسب التاريخية التي حرفت المفاهيم عن المرأة والتي لا تزال تغذي عقلية الرجل (باختصار يسير).

يحلو لكثير من الكتاب أن يسطروا عبارات تعكس نمطية ذكورية وصورة مشوهة عن عقل المرأة فنجد كتبهم تشحن نفس وعقل القارئ بتمييز واضح ضد المرأة فيقولون “قال بعض الحكماء: النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن ومع أنها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن طلب أمور الدين وحمله على التهالك في طلب الدنيا وذلك أشد فسادا” (السواح، 2004 م، ص 74). يرى الباحثان في هذه الدراسة أن ترويج من مثل تلك الأفكار المغالية لا تخدم الثقافة الإسلامية المعاصرة التي ينبغي أن تتخلص من التمييز ضد النساء لا سيما مع التأكيد دائما على أن قطعيات الدين تعطي المرأة مكانة كريمة كشريكة للرجل في رحلة الحياة. إن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة من الاتفاقات العالمية التي وقعتها دول العالم بما فيها الدول العربية التي تشهد نشوء مؤسسات حكومية وأهلية لعلاج إشكالية تهميش المرأة والنهوض بأوضاعها وفق ثوابت الدين الإسلامي السمح ودون الانسياق وراء الأنساق الغربية التي لا تتفق مع خصوصياتنا.

إن التعامل مع المرأة بمنطق التأنيث والاستهانة، والتلميح بأنها أقل من الرجل في الحقوق والواجبات والمؤهلات الفكرية غير مستساغ (غنيمة، 2004 م ، ص 317) ويقدح في إنسانية المرأة ويجعلها مخلوقة من الدرجة الثانية ومواطنة ناقصة الأهلية.

إن حديث أم زرع يفتح بابا هاما لا بد من مناقشته وهو صور ظلم المرأة فالزوجة السابعة في الحكاية أشارت إلى موضوع حساس وهو ضرب النساء ولهذا لا بد من رصد المظالم مهما كانت صورها ومصدرها ولقد آن الأوان اليوم لهذا الملف بأن يفتح ويعالج بحكمة فمجتمعاتنا العربية المعاصرة تعاني من ظلم المرأة بسبب عادات وافدة وراكدة.

يطالب الفكر النسوي المعاصر بتفكيك الخطاب المتحيز للذكور (الخطيب، 2005 م) وأن “ثمة رهان هائل يتمثل بالقدرة على تأويل الماضي وتفسيره أي على قراءة الحاضر” (المرنيسي، 2003 م، ص 15). لقد رسخت التربية العربية لمدة عدة قرون الكثير من وصايا الخضوع والخنوع في نفوس النساء ومازال الرجل غالبا هو القوة المسيطرة والرأي المتفرد ولا بد للباحثين من تحديد موطن الجرح بشجاعة والاعتراف بالاعوجاج الذي أصاب العقول في فهم مقاصد الدين (مخللاتي، 2005 م، ص 23) مما سبب إشكالية ظاهرة في تربية المرأة الأمر الذي استدعى فتح ملف النقد الذاتي لفتح آفاق ثقافية واستراتيجيات تربوية توازن بين كفتي التراث والحداثة.

يرى المفكر الإسلامي محمد عمارة (2006 م) أن المرأة عندنا حملت من المظالم أكثر من الرجال، حيث ينظر إليها في كثير من البيئات نظرة دونية ، بيوتنا لا تقوم على الشورى، والمرأة لا تشارك مشاركة حقيقية في إدارة شئون المنزل … والحقيقة أن مشروعات تحرير المرأة على الطريقة الغربية، وانبهار المرأة عندنا بها ، ناتج عن تقصير الإسلاميين في طرح مشروع لتحرير المرأة، وموقفهم الحالي إما التجاهل أو الجمود وإما إنكار أن هناك قضية للمرأة” (ص 7، باختصار). تكمن المشكلة في أن الخطاب النسوي العربي التقليدي وغيره “لا يزال يحتمي بالعقلية السجالية التي تقوم على نفي الآخر” (الربيعو، 2005 م، ص 87) ولكن الوعي بإشكالية المرأة آخذ في الانتشار (Hassan, 2006, p. 249).

إن النزول إلى الميدان يقود إلى رؤية مجموعة من المظاهر التي تعكر صفو الحياة ؛ عضل النساء والتحجير… ظواهر اجتماعية خطيرة تعاني منها الكثير من النساء، وهذا العضل يأخذ صورا شتى تشترك كلها في أنها تسلب المرأة حقوقها، وإنسانيتها (المصري، 2005 م). يقول القرني (2005 م) “والمرأة مظلومة من بعض الآباء لأن كثيراً منهم لا يعرق قدر المرأة ولا يستشيرها ولا يعتبر رأيها، ومنهم من كان حجر عثرة في زواج ابنته، فإذا ما تقدم الكفء رفضه برأيه هو لا برأيها .. ولا يخبرها، حتى تعيش العنوسة والأسى. وهي مظلومة أيضاً من بعض الأزواج.. فهو يتعامل معها كأنها دابة في البيت.. ويتعامل معها بفظاظة وغلظة” (باختصار).

من الجميل جدا أن تتغير الأفهام حيال المرأة ليسودها الاحترام والثقة والتقدير لإمكاناتها وقدراتها العقلية وغيرها ولكن الخطير أن البعض يتعامل معها بهذا المنطق لأن الحياة العصرية فرضت هذا المسلك لا لأن المرأة تستحق هذا التكريم شأنها شأن شقيقها الرجل. هنا يأتي دور مؤسسات التعليم بجميع أطيافها لتعالج المواريث الثقافية السلبية تجاه المرأة ولتغرس واحات جديدة تحمل معاني مساواة المرأة بالرجل في المكانة الإنسانية رغم الاختلافات البيولوجية وتنوع الأدوار الاجتماعية.

ليس من اليسير الإلمام بجميع الأخلاقيات الحسنة الواردة في حديث أم زرع والتعليق عليها وبيان أهميتها في ديمومة العلاقات الزوجية وإنعاش الحياة الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة وما سبق فيه الكفاية وفي عجالة فإن الحديث يمدح ضمنا الزوج الكريم، المعتدل في أخلاقه، الذي يفوض زوجته في إدارة بيته، ولا يكثر من الطلبات، ويثق بزوجته وبرجاحة عقلها، ويكرمها ويكرم أهلها، ولا يعتدي عليها بيده أو بالقول الذميم ، وهو زوج سخي، وسمعته حسنه، ومكانته مرموقة، وينهض بهمة لإكرام الضيوف، ويسخر خيراته لمن حوله، وغير شرس ولا متعجرف ومعتدل في تناول الطعام.

وثمة خلق هام في الشخصية العربية وهذا الخلق هو الكرم فالتراث العربي يعلي من شأن الكرم ونجد في حديث أم زرع “‏قَالَتْ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ ‏النَّادِ” إشارة إلى أن المرأة العربية تحب أن ترى زوجها كريما جوادا بل اعتبرت ذلك من أسباب سعادتها وسبب قوة شخصية زوجها ولازالت نظرة العربي للكرم ذات قيمة عظمى. يعتقد عبدالله الغذامي أن تثبيت الكرم كقيمة مرجعية ملزمة عند العرب له سبب وجودي فيقول:

 ولم يكن البدوي كريما لأنه يريد المديح أو يتقي الذم، لقد كان الكرم وما يزال لدى البدو قيمة وجودية أشبه ما تكون بالحفاظ على النوع، فأنت تكرم ضيفك لأن عدم استضافته يعني الموت ونهاية حياته في الصحراء المهلكة، وهذا مصير ستواجهه أنت فيما لو انقطعت عادة الضيافة الصحراوية. والبدوي كائن مترحل بالضرورة ولذا فإنه يظل محتاجا لمن يقبل بضيافته، ومن ثم فإن المحافظة على فكرة الضيافة هي ادخار معنوي قيمي يدرأ عن الذات غوائل الجوع والضياع اللذان سيكونان المصير المحتوم فيما لو اختفت قيمة الكرم والضيافة من الثقافة الصحراوية” (2005 م، ص 145).

قد يكون هذا التفسير موغل في المادية لأنه لا يفسح المجال المناسب للخصوصية العربية ويقلل من شأن الجانب القيمي الروحي في كيان المجتمع العربي الجاهلي ويختزل تجليات السلوك البشري في عامل واحد حاسم (الحاجة للبقاء فقط) وهو أمر صعب في تفسير السلوك الذي يتأثر بمتغيرات متشابكة متراكمة.

يخلو حديث أم زرع من المضامين الروحية والإشارة إلى القيم الدينية مما يرجح أن الحادثة وقعت في عصر الجاهلية وتعكس طرفا من الحياة الزوجية عند العرب القدماء.

ويدل الحديث على أن الأصحاب مستودع الأسرار وأن المجالس لا تخلو من الغرائب. وفي حياة أم زرع نجد أن المرأة المتبرجة ذات الأولاد أسرت لب أبي زرع حتى نكحها وطلق أم زرع رغم حياتهما الرغيدة، وأن المرأة قديما كانت تحرص على الخادمة الأمينة النظيفة، كما أن الإقلال من الطعام صفة محمودة وعن طبيعة الأثرياء نلمح أن أبا زرع جمع بين حياة البادية وبين الزراعة.

وفي الختام نعود إلى اللغز الذي أشرنا إليه في مقدمة البحث: لم طلق أبو زرع أم زرع رغم أنهما عاشا في رخاء ؟

“فسرت رواية أبي معاوية السر في ذلك ولفظها “فخطبها أبو زرع ، فتزوجها ، فلم تزل به ، حتى طلق أم زرع” (لاشين، 2002 م، ج9، ص 407). وقضي أمر الطلاق بكيد من الزوجة الجديدة. أما الباحثة ثناء محمد سالم (2001 م) فتعتقد أن أبا زرع شخص عربي يتلذذ بالنساء ويستمتع بهن ثم يتركهن ليلحق بأخرى فالمرأة في مثل هذه البيئات مجرد سلعة رخيصة لدى الرجل يهينها ويحتقرها. ترى الباحثة أن المرأة في الأدب العربي برزت بعدة صور منها أنها وسيلة من وسائل إمتاع الرجل فسياق حديث أم زرع عن مفاتن جسدية لامرأة مستلقية فجرى خلفها أبو زرع سعيا وراء الشهوة (2001 م، ص 266).

النتائج
  1. إكرام الزوجة والإحسان إليها والوفاء لها خلق عظيم.
  2. ثقافتنا العربية زاهية بنصوص نسائية تعد من أعرق وأعمق إبداعات النساء.

3. العنف الأسري والعقاب البدني أكبر داء يقوض الأمن النفسي في المحيط الأسري ويمتد أثره ليضعف من شأن المجتمع.

  1. ضرورة تبادل الخبرات الزوجية والإفادة منها من غير كشف الأسماء وإثارة الفتن ومن غير تجاوز حدود اللباقة.

5. استغل بعض الباحثين الحديث نفسه لبث أفكار متشددة تقود إلى التهوين من عقل المرأة ومكانتها كما أثاروا قضية ضرب النساء ودافعوا عن عزل الأنثى عن حركة المجتمع.

6. الاستماع الإيجابي يجعل الزواج مثمرا ويجنب الزوجين مشاكل لا حصر لها. والإنصات من أهم مفاتيح الحياة الزوجية التي تمنع الاكتئاب والاستبداد، وتقطع دابر الجفوة بين الزوجين.

  1. للمرأة قدرة عقلية فائقة تتيح لها الفرصة لتقييم الزوج بدقة وإيجاز وبلاغة وهذا يعطيها مكانة هامة في عملية رصد ووصف وتصويب الرجل فكرا وسلوكا وشعورا.

8. الرجال -في العموم- نوعان نوع يجل النساء ويسعى إلى أن يكون أسرة سعيدة ونوع يهينهن وهذا هو الحال إلى الوقت الحاضر.

  1. الأمن المالي والرخاء المعيشي من مستلزمات الحياة الزوجية السعيدة.
  2. الزوجة المعلقة التي حالها ليست بذات زوج ولا هي بمطلقه صورة من صور الغبن الاجتماعي وتمثل نمط الشخصية القلقة.
  3. تحب الزوجة السوية الشخصية الوسطية المعتدلة للزوج لأنها شخصية توفر الأمن الأسري النابع من العدالة في التعامل والتكامل .
  4. السآمة خطرة في الحياة الزوجية فلا بد من التجديد الفعال للتخلص من الخمول وروتين الحياة.
  5. اللذة الجنسية في فراش الزوجية ليست حقا للرجل وواجبا على المرأة بل هي نعمة للطرفين معا. إن الحياة الجنسية بكل أنواعها من ركائز السعادة الزوجية، والمتعة الجنسية في الفراش فن له أصوله وأهميته وطرائقه النفسية والجسدية والتربية الإسلامية تحض على المتعة والسرور بين الزوجين. إن الكثير من حالات الطلاق تقع بسبب انعدام التوافق الجنسي بين الزوجين.
  6. اللغة العربية تعج بفيض من المعارف والمفردات اللغوية التي تجسد الهوية العربية التي تعتز بسعة لسانها وكثرة مفرداتها ورقة معانيها وجمال مبانيها ومازالت مددا لفهم النفوس وطبائع الناس.
  7. التربية السليمة تربية شاملة فهي لا تغفل جانب الجسد ولهذا نجد في حديث أم زرع أن الإسراف في الطعام من المكدرات الزوجية. وهكذا فإن آداب الطعام من الأمور التي تستحق الملاحظة وأن السعادة الزوجية على المستوى البعيد تتأثر بهذا الأمر.
  8. النظافة العامة قيمة ضرورية ورسالة حضارية تبدأ من الأسرة الصغيرة وتصل منافعها إلى أرجاء المجتمع كله.
  9. يتحدث حديث أم زرع عن تجارب تربوية ناجحة ومن أهم أسباب نجاحها تفاهم الزوجين ولا يتحقق التفاهم إلا بالاحترام المتبادل بين الطرفين.
  10. سلط الحديث الضوء على الأفعال لا الأسماء كي يتعرف الذهن إلى تحليل المحتوى ولا ينشغل بالأسماء والعناوين على حساب الحقائق والمضامين.
  11. الناحية البيئية لها تأثير واضح في حديث أبى زرع فتشبيه الزوج بالفهد والأرنب ونبات الزرنب. ويقوم التشبيه بدور تعليمي هام في تقريب المفاهيم والحقائق والتصورات.
  12. المقدرة الفائقة للمرأة العربية في رصد وتصوير دقائق الرجل في كل جوانبه ومعرفة جوانب القوة ومواطن التحدي.
  13. التعامل مع المرأة بمنطق الاستهانة بقدراتها والتلميح بأنها أقل من الرجال في الحقوق والواجبات أو المؤهلات غير مستساغ ويقدح في إنسانية المرأة.
التوصيات
  1. تشجيع النتاج النسائي الشفاهي والكتابي دراسة وممارسة والاقتداء بالسيدة أم عائشة في تدينها وثقافتها وعفتها وعطائها أسريا ومجتمعيا.
  2. اللذة الجنسية والنفسية والجسدية من أسباب السعادة الزوجية ولا مانع من تشجيع الدورات التوعوية الرصينة لنشر المهارات الجنسية وثقافة الإمتاع والاستمتاع في الحياة الزوجية.
  3. عقد دورات تدريبية للمتزوجين الجدد لتبصيرهم بآفاق الحياة الزوجية السعيدة وآفات العشرة الزوجية لتجنبها مع تشجيع جلسات المصارحة والحوار بين الزوجين لترشيد الحياة الزوجية. ولعل مهارات الاستماع الإيجابي من أم المهارات التي يجب التدرب عليها وممارستها لأنها من أهم مكونات احترام الذات، والثقة التي تنبع من المشاعر النبيلة والمواقف الجليلة.
  4. توجيه الدراسات الأكاديمية نحو المساهمة في فك القيود الاجتماعية وتبيان الممارسات الخاطئة التي تحجب إبداعات المرأة وتكبل فكرها في الأسرة وميادين العمل العام وتقلل من طاقاتها وثقتها بنفسها باسم الدين والعادات والتقاليد علما بأن الدين براء من ذلك التشدد الذي ما زال يتعقب المرأة العربية والمسلمة لعدة قرون في التضييق عليها في لبسها، وذكر اسمها، وسماع صوتها، ورسالتها وآفاق تعليمها وقدراتها العقلية والنفسية.
  5. مناقشة قضية العنف وخاصة ضرب المرأة والتي تصل عند الرجال إلى حد يخرج عن مرحلة العقل وحدود العاطفة وأن الرجل المستبد لا يتورع عن ارتكاب أشنع الأفعال وهذا يتطلب تحصين المرأة وتوعيتها بسبل التعامل مع تلك المعضلة بحكمة وإباء وذكاء وتحت إطار مؤسسي وخطط موضوعية.
  6. تضمين المناهج الدراسية مادة علمية تساهم في رسم دور فاعل للمرأة أسريا ومجتمعيا.
  7. الإفادة من كنوز التراث العربي الإسلامي الثمين بالأخلاقيات والسلوكيات كحديث أم زرع في تصحيح الكثير من المفاهيم والأساليب الحياتية الخاطئة

 

أهم المراجع العربية

الآبادي. عون المعبود، شرح سنن أبي داوود. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

ابن تيمية (1426 – 2006 م). مجموع فتاوى ابن تيمية. موقع روح الإسلام: http://www.islamspirit.com

ابن الأثير (1426 – 2006 م).  النهاية في غريب الحديث والأثر . موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

بن الجوزي . صيد الخاطر. موقع الوراق: http://www.alwaraq.net

ابن الْعَرَبِيّ . أَحْكَام الْقُرْآن. موقع فقه الإسلام: http://feqh.al-islam.com

ابن القيم الجوزية (1427 هـ – 2006 م). تهذيب سنن أبي داود. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

ابن طيفور. بلاغات النساء. موقع الوراق: http://www.alwaraq.net

ابن كثير (1427 هـ – 2006 م). البداية والنهاية. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

أبو الفضل الميداني (1427 هـ – 2006 م). موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

أبو خليل ، عمرو (1427 هـ – 2006 م).  أحن إلى طليقي ..فهل أنا مريضة؟ إسلام أون لاين (تاريخ الدخول : 8-3-2006 م): http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1138109436748&pagename=IslamOnline-Arabic-Cyber_Counselor%2FCyberCounselingA%2FCyberCounselingA

أبو سليمان، عبدالحميد (2002 م). ضرب المرأة: وسيلة لحل الخلافات الزوجية. دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

أبو شقة، عبدالحليم، (1420 هـ – 1999 م). تحرير المرأة في عصر الرسالة. ط 5، الكويت: دار القلم.

الأبياري، عبدالجواد (1422 هـ – 2004 م). تحفة الرؤساء في ما ورد في النساء. دمشق: دار التوفيق.

الألباني، محمد ناصر الدين. موقع الدرر: http://www.dorar.net/mhadith.asp

الأمم المتحدة، (2001). مفوضية حقوق الإنسان سلسلة التدريب المهني رقم 7: دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان. نيويورك وجنيف:  الأمم المتحدة، في موقع أمان – المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة:http://www.amanjordan.org

الأندلسي، الأمين (2005 م). دعوة للتصدي للعنف “المتوسطي” ضد المرأة . موقع إسلام أون لاين (تاريخ الدخول 17-1-2006 م): http://www.islamonline.net/Arabic/news/2005-11/26/article07.shtml

الأنصاري، عبدالحميد (2005 م). حق الطفل في تربية آمنة. ورقة عمل مقدمة في الحلقة النقاشية الخليجية : كيف نحمي أطفالنا. ط1، الكويت: المركز شبه الإقليمي للطفولة والأمومة.

الباخرزي (1422 هـ = 2002 م) دمية القصر وعصرة أهل العصر. مَوْقِع الورَّاق:   http://www.alwaraq.com

الباز، رانيا (2006 م). المشوهة. ط1، بيروت: عويدات.

باهشام، الشيخ بن سالم. القوامة والحافظية. موقع إسلام أون لاين (صوت المنبر): http://www.islamonline.net/Arabic/daawa/menbar/khotab/article01.shtml#111

البخاري، محمد بن إسماعيل (1421 هـ – 2000 م). الأدب المفرد. بتخريجات وتعليقات أبي عبدالرحمن محمد ناصر الدين الألباني. ط2، المملكة العربية السعودية: دار الصديق.

 بدر الدين الزركشي (1390 هـ – 1970 م). ط2. الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة. عني بتحقيقه ووضع مقدمته وتعاليقه ومسارده: سعيد الأفغاني. ط2، المكتب الإسلامي.

البستي ، عياض بن موسى اليحصبي. بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد ومعه تفسير نفس الحديث للحافظ السيوطي. مكتبة الفرقان.

الجاحظ. الحيوان. موقع الوراق: http://www.alwaraq.net

الجاحظ، أبوعثمان عمرو بن بحر (1427 هـ – 2006 م). المحاسن والأضداد. موقع الوراق:

الجريسي، خالد بن عبد الرحمن . الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد الحرام.  

جلبي، خالص (1424 هـ – 2004 م). ما لا نعلمه لأولادنا: نظام المحرمات. جدة: مركز الراية للتنمية الفكرية.

الحافظ الهيثمي (1427 هـ – 2006 م). مجمع الزوائد . موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

الحطاب، محمد بن محمد بن عبد الرحمن (1427 هـ – 2006 م). مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل.  موقع الإسلام : http://feqh.al-islam.com

الحويني ، أبو إسحاق. ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم. موقع الشبكة الإسلامية (تاريخ دخول الموقع (1-1-2006م): http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=103705

الحيدري، إبراهيم (2003 م). النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب. ط1، بيروت: دار الساقي.

خالد، عمرو (2004 م). زوجين في مدرسة الحب. موقع عمرو خالد: http://www.amrkhaled.net/mailfaq/index.php?loc=qanda&cat=3&id=32

الخطيب الشربيني . تحفة المحتاج فِي شَرْح الْمِنْهَاج . موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com

الخطيب، معتز (1426 هـ – 2006 م). النسوية الإسلامية والتحيزات الذكورية. موقع إسلام أون لاين: http://www.islamonline.net/arabic/adam/2005/07/Article01.shtml

الخليلي، أحمد بن عبدالغنى التميمى (مخطوط). حسن القرع في شرح حديث أم زرع. مصدر المخطوط : موقع مخطوطات الأزهر الشريف مصر. المصدر المنزل منه المخطوط: ملتقى أهل الحديث (4-6-2006 م): http://www.alazharonline.org

الدريع، فوزية (2004 م) . الرجل الحيوان : تعرفي على سلوك زوجك لتعيشي في سلام. ط2، مصر: المركز الفني للإعلان والطباعة والنشر.

دودين ، ماجد سليمان (1994م). السعادة الزوجية: كيف تسعد زوجتك؟  كيف تسعدين زوجك؟ من وجهة نظر إيمانية. عمان: دار الإسراء.

الذَّهبي (1426 – 2006 م). سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

ذينات، خلف عبدالله (2004 م). نقد الشخصية العربية. ط1، الأردن: دار مجدلاوي.

الراشد، صلاح صالح (1998 م). كيف تكسب محبوبتك. الكويت: الأمانة العامة للأوقاف.

الراشد، محمد أحمد (1422 هـ – 2002 م). إحياء فقه الدعوة: أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي. ط1، كندا: دار المحراب.

رامي، ليلى (2005 م) قراءة في استدراكات أم المؤمنين عائشة على روايات الصحابة، في مجلة إسلامية المعرفة – العدد 39 أكتوبر 2005 م (محور العدد: علم متن الحديث).

الربيعو، تركي علي (2005 م). إطلالة على كتابات جديدة: دوائر الخوف ..الدين والأخلاق. في مجلة حوار العرب. السنة الأولى، العدد: 8. يوليو 2005 م. بيروت: مؤسسة الفكر العربي.

ريتشاردسون، شيريل (2004 م). جدد حياتك: 52 طريقة مهمة وعملية لإدخال تحسينات على حياتك . ط2، الرياض: مكتبة جرير.

زراقط، محمد حسن (2005 م). قراءة في أسباب الخلل: المرأة والدين: أزمة فكر أم أزمة مجتمع؟ في مجلة حوار العرب. السنة الأولى، العدد: 8. يوليو 2005 م. بيروت: مؤسسة الفكر العربي.

سالم ، ثناء محمد (1421 هـ – 2001 م). المرأة في عيون الأخبار وأمالي القالي في ضوء علم اللغة الاجتماعي. القاهرة: دار الفكر العربي.

السفاريني، محمد بن أحمد بن سالم . غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب. موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com/Bookhier.asp?Mode=0&DocID=83&MaksamID=1

سلام، عفت (1427 هـ – 2006 م). مؤتمر هوية الأسرة الكويتية في ظل ثقافة العولمة. جريدة الرأي العام. الثلاثاء 21 مارس ، العدد 14153. الكويت.

سلطان، جمال (1427 هـ – 2006 م). ولماذا نكره أنفسنا. في مجلة المجلة. العدد: 1363 ، 26 مارس 2006،  لندن.

السواح، سعيد محمد (1425 هـ – 2004 م). النهر الجاري في فقه الحياة الزوجية من فتح الباري. ط1، الإسكندرية: دار البصيرة.

السيوطي (1427 هـ – 2006 م). تفسير الجلالين. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

الشافعي، محمد بن إدريس. الأم. موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com

الشامي/ صالح أحمد (1425 هـ – 2004 م). نظرات في هموم المرأة المسلمة. ط1، بيروت: المكتب الإسلامي.

الشربجي، علي (1423 هـ – 2002 م). المرأة في رحاب السنة النبوية المطهرة. قدم له  د. خالد المذكور. صححه وراجعه: أحمد غيث وطارق عدي. ط1، الكويت: اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة.

الشوكاني. نيل الأوطار. موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com

صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري مع شرحه المسمى إكمال إكمال المعلم للإمام محمد بن خليفة الوشتاني الأُبي وشرحه المسمى مكمل إكمال الإكمال للإمام محمد بن محمد بن يوسف السنوسي الحسني (415 هـ – 1994 م). ضبطه وصححه محمد سالم هاشم . ط1. بيروت: دار الكتب العلمية.

صحيح مسلم (1427 هـ – 2006 م). موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

الصنعاني (1427 هـ – 2006 م). سبل السَّلام. موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com

الصنيع ، صالح بن إبراهيم . التفكك الأسري : الأسباب والحلول المقترحة. سلسلة كتاب الأمة. موقع الشبكة الإسلامية: http://www.islamweb.net/ver2/library/ummah_Book.php?lang=A&BookId=283&CatId=201

الطبراني (1427 هـ – 2006 م). معجم الطبراني الكبير . موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

طلعت، سحر (1427 هـ – 2006 م). قصة أول دورة للتثقيف الجنسي على الإنترنت. موقع إسلام أون لاين (تاريخ الدخول: 9-3 – 2006 م): http://www.islamonline.net/arabic/adam/2006/01/Article05.shtml

الطنطاوي، علي. لا تتزوج ملكة جمال. موقع أسرتي (تاريخ دخول الموقع : 14 -5-2006 م): http://osrty.com/main/?c=64&a=1766

عبدالواحد، مصطفى (1423 هـ – 2002 م). المرأة واللغة: الحقيقة والوهم. ط1، مصر: دار إحياء الكتب العربية.

عبده، سمر (2005 م). إسلام أون لاين” تحارب العنف ضد المرأة. موقع إسلام أون لاين (تاريخ الدخول 17-1-2006 م): http://islamonline.net/Arabic/news/2005-11/23/article10.shtml

العسقلاني، ابن حجر . فتح الباري في شرح صحيح البخاري.

علي، سعيد إسماعيل (2003 م). ثقافة البعد الواحد. ط1، القاهرة: عالم الكتب.

علي، سعيد إسماعيل (2004 م). الخطاب التربوي الإسلامي. سلسلة كتب الأمة (100). الشبكة الإسلامية: http://www.islamweb.net/ver2/library/ummah.php

عمارة ، محمد (1426 هـ – 2006 م). لقاء “الوطن” مع المفكر الإسلامي د. محمد عمارة. الكويت ، جريدة الوطن: السبت 14 يناير 2006 م، العدد 10761 – 5207- السنة 74. موقع جريدة الوطن: http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?MgDid=387697&pageId=35

العويد، سلطان بن حمد (2005 م). حديث أم زرع أحكام وفوائد. (شريط سمعي). موقع طريق الإسلام: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=47052

العوين، محمد بن عبدالله (1423 هـ – 2002 م). صورة المرأة في القصة السعودية: بحث علمي يرصد الرؤية الاجتماعية إلى المرأة بأطيافها المختلفة في القصة والرواية السعوديتين. الرياض: مكتبة عبدالعزيز العامة.

العيني ، بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني (1418 هـ – 1998 م). عمدة القاري شرح صحيح البخاري. بيروت: دار الفكر.

الغذامي، عبدالله (2005 م). النقد الثقافي: قراءة في الأنساق الثقافية العربية. ط3، المملكة المغربية: المركز الثقافي العربي.

الغزالي، محمد (2002م). جدد حياتك. القاهرة: نهضة مصر للطباعة والتوزيع والنشر.

الغزالي، محمد بن محمد (1416 هـ – 1996 م). الرسالة اللدنية. في مجموعة رسائل الإمام الغزالي. بيروت : دار الفكر.

الغزالي، محمد بن محمد (1426 هـ-2005 م). إحياء علوم الدين. صححه واعتنى به محمد بن مسعود الأحمدي. بيروت: مؤسسة الريان.

الغزالي، محمد. البيوت تبنى على الحب. موقع إسلام أون لاين (18-1-2006 م): http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/adam-1/masaa-2.asp

غنيمة، هناء أحمد شوقي (1424 هـ – 2004 م). العنف الموجه نحو الزوجة وعلاقته بالسلوك العدواني للأبناء لدى عينة من زوجات المدمنين وزوجات غير المدمنين في ضوء بعض المتغيرات الديمجرافية. في مجلة  التربية: العدد 133 الجزء الأول. القاهرة: مجلة العلوم التربوية.

الفقير، حمزة (1994 م). الرجل المثالي في أعين النساء. ط1، الأردن: دار الإسراء.

القرضاوي، يوسف (1424 هـ – 2004 م). خطابنا الإسلامي في عصر العولمة. ط1، القاهرة : دار الشروق.

القرضاوي، يوسف . أسس المؤسسة جديدة. موقع البلاغ: http://www.balagh.com/woman/hqoq/3a0pfj84.htm

القرطبي، أحمد بن عمر بن إبراهيم (1417 هـ – 1996 م). المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. دمشق : دار ابن كثير.

القرني، عايض (2005 م). بيت أسس علي التقوى. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عايض القرني (تاريخ دخول الموقع 1-1- 2006 م): http://www.algarne.com/publish/article_218.shtml

القرني، عايض . حديث أم زرع. شريط سمعي. موقع الشبكة الإسلامية (تاريخ دخول الموقع 1-1- 2006 م): http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=19621

القزويني . درة الضرع لحديث أم زرع. موقع شبكة مشكاة الإسلامية: http://www.almeshkat.net/index.php

قمبر، محمود (2002 م). المرأة بين التصورات والممارسات في التراث الإسلامي والدور التربوي المطلوب. في مجلة مستقبل التربية العربية. المجلد الثامن، العدد 27، أكتوبر. مصر.

القنوجي. أبجد العلوم. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

كارلسون، جون و دينكماير، دون (02005 م). حان الوقت لزواج أفضل. ط1، السعودية: مكتبة جرير.

كارلسون، ريتشارد (1999 م). لا تهتم بصغائر الأمور مع أسرتك. ط1، الرياض: مكتبة جرير.

كارلسون، ريتشارد، كارلسون، كرستين (2000م). لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية. ط1، الرياض: مكتبة جرير.

كارلسون، جون (2005 م). حان الوقت لزواج أفضل. ط1، الرياض: مكتبة جرير.

الكندري، عبدالله وآخرون (2002 م). المنهج التربوي والعلاقة بين الجنسين. ط1، الكويت: مكتبة الطالب الجامعي.

الكندري، لطيفة (1426 هـ – 2005 م). أضواء على الطفولة المبكرة في دولة الكويت. ط1، الكويت: المركز شبه الإقليمي للطفولة والأمومة.

كونا (1427 هـ – 2006 م). ضغوط اجتماعية شائعة لمنع المرأة من العمل. الكويت: صحيفة الرأي العام، العدد 14130.

الكندري، لطيفة حسين – وملك، بدر محمد ( 1425هـ = 2005م). تعليقة أصول التربية. ط2، الكويت: مكتبة الفلاح.

لاشين، موسى شاهين (1423 هـ – 2002 م). فتح المنعم: شرح صحيح مسلم . ط1. القاهرة دار الشروق.

للمتقي الهندي. كنز العمال (1427 هـ – 2006 م). موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

المتقي الهندي (1427 هـ – 2006 م).  كنز العمال . موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

محفوظ، نجلاء (1427 م- 2006 م). هل الرجال كائنات مؤذية؟! موقع إسلام أون لاين (تاريخ دخول الموقع : 28-4-2006 م): http://www.islamonline.net/arabic/adam/2006/04/Article11.shtml

محمد ، فواز (1426 – 2005 ). محاولات لإثناء “القرني” عن اعتزال الدعوة . إسلام أون لاين (تاريخ الدخول 1-1-2006 م): http://www.islamonline.net/Arabic/news/2005-12/06/article13.shtml

محمد بن إبراهيم الحمد (2004 م).  من صور تكريم الإسلام للمرأة. موقع صيد الفوائد (تاريخ الدخول: 15-1-2006 م): http://saaid.net/female/m103.htm

محمد، فواز (2005 م) السعودية تتصدى للعنف الأسري . موقع إسلام أون لاين. (تاريخ الدخول 15-1-2006 م): http://www.islamonline.net/Arabic/news/2005-06/22/article04.shtml

محمود، إبراهيم (2002 م). الشبق المحرم : أنطولوجيا النصوص الممنوعة. ط1، بيروت: رياض الريس للكتب والنشر.

مخللاتي، عبير (1427 هـ 2005 م). القوامة سلطة استبدادية … أم رعاية ومسؤولية. تقديم: د. لينة الحمصي. دمشق: دار الرشيد.

مرسي، أكرم رضا (1425 هـ – 2004 م). قواعد تكوين البيت المسلم: أسس البناء وسبل التحصين. ط1، القاهرة : دار التوزيع والنشر الإسلامية.

المرنيسي، فاطمة (2003 م). شهرزاد ليست مغربية. ترجمة ماري طوق،  ط2، بيروت: المركز الثقافي العربي.

المصري، أحمد (1426 – 2005 م). عضل السعوديات…عندما يسطو التقليد على الشرع. موقع إسلام أون لاين : http://www.islamonline.net/arabic/adam/2005/12/article13.shtml

مطهري ، مرتضى (1424 هـ – 2003 م). التربية والتعليم في الإسلام. ط4. الملا صدرا.

المطوع، جاسم محمد (1421 هـ – 2001 م). المشاكل الزوجية وفن احتوائها. الكويت.

المعجم الوسيط. المعاجم العربية. موقع صخر: http://qamoos.sakhr.com

مكانسي، عثمان قدري. من وحي حديث أم زرع. موقع بلاغ: http://saaid.net/mktarat/alzawaj/141.htm

ملك، بدر محمد (1412 – 1992 م). سلسلة القصص التربوي (2): قصص رواها الرسول صلى الله عليه وسلم. ط1، الكويت: مكتبة الصحوة.

منصور، نادية (1427 هـ – 2005 م). الصمت الزوجي: والغربة النفسية بين الأزواج. السبيل إلى حياة أسرية سعيدة. ط1، الجيزة: هلا للنشر والتوزيع.

المنصور، وسمية عبدالمحسن (2005 م). المرأة المحاورة- قراءة في التراث. في مجلة عالم الفكر. المجلد 34، أكتوبر، ديسمبر. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

مهريزي، مهدي (1426 – 2005). فقه المرأة: اشكالياته وتحدياته: دراسة نقدية ومحاولات تأسيس لمنهج جديد. في مجلة الحياة الطيبة (العدد 18- السنة: 5-خريف 2005 م).

موسوعة الأسرة (1426 هـ – 2005 م). الجزء الثالث. اللجنة التربوية، اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. الكويت: الديوان الأميري ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

موسوعة الحكم والأمثال . الاصدار الثاني (CD). بيروت: شركة العريس للكمبيوتر.

موسوعة الحكم والأمثال. شركة العريس للكمبوتر (CD).

الموسوعة الشعرية (2003 م). (CD) أبوظبي: المجمع الثقافي.

الموسوعة الشعرية (2003 م). المجمع الثقافي. أبو طبي: CD

الموسوعة العربية العالمية. (2004 م). عائشة بنت أبي بكر، أم المؤمنين. موقع الموسوعة العربية: http://www.mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=!عائشة!336686_1

موقع الدرر السنية: http://www.dorar.net/mhadith.asp

ناصف، منصور علي. التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. بيروت: دار الكتب العلمية.

النشمي، عجيل جاسم (1427 هـ – 2006 م). الفتوى. مجلة النور، العدد 250. فبراير. الكويت.

النعيمي، مريم عبدالله (1426 هـ – 2005 م). المملكة الأسرية. ط1، بيروت: دار ابن حزم.

نور الدين، محمد عباس (2000م). التمويه في المجتمع العربي السلطوي (مقاربة نفسية اجتماعية لطبيعة علاقاتنا : بالطفل بالفقير، بالمرأة ، وببعضنا البعض). تقديم الدكتور هشام شرابي. بيروت: المركز الثقافي العربي.

النووي . شرح مسلم بشرح النووي. موقع المحدث: http://www.muhaddith.org

الهيتمي، ابن حجر. الزَّوَاجِرَ عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ . موقع الإسلام: http://feqh.al-islam.com

الواحدي. شرح ديوان المتنبي. مكتبة مشكاة الإسلامية: http://www.almeshkat.net/books/index.php

وطفة، علي أسعد (2000م). بنية السلطة وإشكالية التسلط التربوي في الوطن العربي. ط2، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.

أهم المراجع الأجنبية

Alkanderi, L. (2001). Exploring education in Islam: Al-Gahazali’s model of the master-pupil relationship applied to educational relationships within the Islamic family. Unpublished doctoral Thesis. Pennsylvania State University, PA: Pennsylvania.

De Angelis , B (1989). Secrets About Men Every Woman Should Know. Video Tape. USA.

De Angelis , B (2003). Secrets About Men Every Women Should Know. USA Element.

Hassan, R (2006). Marriage: Islamic Discourses. In Encyclopedia of Women & Islamic Cultures.  Leiden- Boston: Brill.

Roded, R.  (1994).  Women in Islamic biographical collections.  Boulder, CO: Lynne Rienner.

Rodgers, S. F. & Schulz, D. A. (1980). Marriage, the Family and Personal Fulfillment. Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall.


[1] كتاب الحيض.

[2] مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي، المجلد الرابع، كتاب النكاح،  باب عشرة النساء. ومعجم الطبراني الكبير، للإمام الطبراني ، ذكر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم: عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب جلد النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الإفك. وفي كنز العمال ، للمتقي الهندي المجلد السادس عشر:  حقوق الزوج.

[3] أَبُو الفَضْلِ عِيَاضُ بنُ مُوْسَى بنِ عِيَاضِ المَالِكِيُّ (476 – 544 هـ / 1083 – 1149 م) .كان من أعلم الناس بكَلاَمِ العَرَبِ. وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: “تَوَالِيفه نَفِيْسَة، وَأَجَلهَا وَأَشرفهَا كِتَاب (الشفَا) “.

[4] وعلى أساس هذا الحديث وغيره بنيت آراء تربوية في غاية الخطورة وانتشرت في أذهان المسلمين وغدت من المسلمات وهي ليست كذلك. يعتقد كثير من الكتاب والعلماء أن آدم عمل برأي حواء التي زينت له (النشمي، 2006 م، ص 67) فأكل من الشجرة فندم وأن خلق حواء “من الضلع ليعلم أنهن خلقن من العوج فلا يطمع في تقويمهن” (الأبياري، 2002 م، ص 15) وأن حواء “بدأت بالخيانة ، وكانت خيانتها في دعوتها آدم إلى الأكل من الشجرة التي نهي عن الأكل منها ، فسرت هذه الخلة في بناتها… يغلب على كثير من النساء الشذوذ بالرأي، والمعاملة .. للمرأة سمات وخصائص يعسر تعديلها بالكلية .. ينبغي معالجة الانحراف في النساء بقدر الإمكان” (الشربجي، 2002 م، ج1، ص 591، 593).

[5] “هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ امْرَأَةَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ كَانَتْ تَخْرُجُ حَتَّى عُوتِبَ فِي ذَلِكَ . قَالَ : وَعَتَبَ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا ، فَعَقَدَ شَعْرَ وَاحِدَةٍ بِالأُخْرَى ، وَضَرَبَهُمَا ضَرْبًا شَدِيدًا ، وَكَانَتْ الضَّرَّةُ أَحْسَنُ اتِّقَاءً ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ لا تَتَّقِي ؛ فَكَانَ الضَّرْبُ بِهَا أَكْثَرَ وَآثَرَ ؛ فَشَكَتْهُ إلَى أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ ؛ فَقَالَ لَهَا : أَيْ بُنَيَّةَ اصْبِرِي ؛ فَإِنَّ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ صَالِحٌ ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ زَوْجَكِ فِي الْجَنَّةِ” (أَحْكَام الْقُرْآن لابن الْعَرَبِيّ – سُورَةُ النِّسَاءِ فِيهَا إحْدَى وَسِتُّونَ آيَة – الآيَة السَّادِسَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى- مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ).

[6] موسوعة الأسرة (1432ه-2011م). ط1، الكويت: اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. ج1، ص 132.

[7] يرى بعض الكتاب أن التوجه العام للعلماء الأولين هو تضييق استشارة النساء والتزهيد فيه حتى ادعى إمام الحرمين الجويني بأنه لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة … (الراشد، 2002 م، ص 66) ومثل هذا الاعتقاد كان ولم يزل وراء منع المرأة من حقوق كثيرة منها حقوقها السياسية. ويقول مصطفى الطحان في كتابه المرأة في موكب الدعوة “مازال الكثيرون يتحفظون عند الحديث عن حقوق المرأة السياسية.. والأمر في تصورنا نوع من القصور.. سببه العادات المتوارثة والعرف الخاطئ.”

[8] حسنه الألباني في صحيح الأدب (انظر موقع الدرر السنية).